محمد حطحوط

إلى وزيري العدل والاتصالات.. المواطن يخنق!

الثلاثاء - 15 أغسطس 2017

Tue - 15 Aug 2017

تسيطر على سوق خدمات الجوال في أمريكا شركتان ضخمتان: الأولى At&t والثانية T-Mobile، وبينهما صراع طويل ومنافسة شرسة. بالمناسبة يكلفك الجوال شهريا في أمريكا 180 ريالا لشركة T-Mobile مقابل مكالمات مفتوحة (لكل الشبكات وما أكثرها)، بالإضافة لنت ورسائل نصية مفتوحة! تخيل كل هذا بـ180 ريالا فقط! دعك من هذا.. قررت شركة At&t شراء منافسها القديم T-Mobile قبل سنوات، وهي خطوة لا يوجد أي قانون يمنعها ما دام أن كلا الطرفين على اتفاق. بدأت الشركة في الخفاء بحث السير لإنهاء الإجراءات اللازمة، ولكن المفاجأة كانت حاضرة عندما تدخلت وزارة العدل الأمريكية ومنعت حدوث الصفقة! تخيل الذي تدخل وزارة العدل وليست الاتصالات! والسبب تقول الوزارة: ستقتل هذه العملية المنافسة في السوق، وهذا من شأنه أن يجعل At&t في موقف تتحكم في المواطن، وقد ترفع السعر كما تشاء، لهذا ومن باب العدل للمواطن تم إيقاف الصفقة بالكامل.

هذا الموقف يجعل المتابع يتعجب من طريقة التفكير الاستباقية للظلم، فبدل الانتظار في بحبوبة (ردة الفعل) الوزارة لديها استراتيجية استباقية لمنع حدوث الظلم من الأساس! وهذا يضع سؤالا كبيرا أمام وزارة العدل السعودية هل دورها في محيط ردة الفعل، أم يتجاوز لاستباق حدوث الضرر والظلم على المواطن؟ أليس دور الوزارة الأصيل أن يسود العدل في جوانب الحياة المختلفة؟

ولأننا في ذات المجال.. هناك قضايا -ضد شركات ضخمة- لا يستطيع مواطن بسيط أن يتبناها، ولا بد للوزارة أن تضع جناحا لها لدعم مثل هذه المبادرات. مثال به يتضح المقال: شركة AT&T الأمريكية كان لديها باقة بـ70 دولارا وفيها نت ومكالمات مفتوحة. ولكن إذا تجاوز استهلاكك اليومي حدا معينا، فجأة يعود الانترنت لسرعة بطيئة جدا، حيث يسمى هذا المصطلح في عالم الاتصالات Throttling، ويعني حرفيا (الخنق)! تبنت وزارة العدل الأمريكية القضية، حيث رأت في ذلك ظلما للمواطن، كيف يتم (الخنق) مع أن الباقة تنص على انترنت مفتوح، دون علم المواطن بسياسة الخنق! وبعد مداولات في المحاكم الأمريكية، أخذت الشركة عقوبة تاريخية تقترب من 400 مليون، تعويضا للمواطن من سياسة الخنق! المفارقة أن سياسة (الخنق) ما زالت سارية لدينا، بتأكيد زميل في هيئة الاتصالات والمعلومات!

وزير الاتصالات أغلق قبل أيام فرعا لشركة اتصالات سعودية لإخلالها ببعض الشروط رافعا شعار (المواطن أولا). معالي وزير العدل.. معالي وزير الاتصالات: دعكما من القشور.. تعالا هنا للب المشكلة.. المواطن يخنق كل يوم! هنا -وهنا فقط- سنعرف إن كان (المواطن أولا) رؤية واقعية.. أو مجرد مانشيت للاستهلاك الإعلامي!

@mhathut