محمد أحمد بابا

المتقاعدون الجدد واحتكارية القرار

الاحد - 13 أغسطس 2017

Sun - 13 Aug 2017

في أذن كل مسؤول أمسك بزمام منشأة وقد اقترب رحيله من منصبه بسبب تقاعد يود لو أن ما بينه ووصوله أمدا بعيدا، وهو بكرسيه ملتزم لعل تمديد خدمة يطاله، أهمس وأقول:

للشباب حق في كل مقدرات وإمكانيات ومساحات وأنشطة استحقاقات بلدهم ووطنهم، لا تحرموه من ذلك بضيق الأفق والوصاية الجامدة ذات المرجعية التي ترسم الطريق، وتعد الداخلين والخارجين، وتقص على الشباب قصص الأمس في ثياب المثالية والفضيلة موغلة في الإقصاء والإحباط.

شباب اليوم غير وقت كنتم فيه شبابا، وكل العالم اليوم غير ذلك العالم الذي خرجتم فيه للدنيا تأمرون وتنهون، واليوم عذر وغد أمر.

لا تنطلي على شباب اليوم أية أكذوبة، بعضكم بأنكم تسمعون منهم وتتبنون اقتراحاتهم وأفكارهم، فالزمن تخطاكم وممارساتكم التقليدية، ووصل للعمل والإنتاج الشبابي على أرض الواقع حقيقة واقعية لا ينكرها إلا متغاب.

شباب الوطن بجنسيه قادر على الريادة والفاعلية والتخطيط والعمل والتفكير والطرح والممارسة والحوار والتفاوض والابتكار والقيادة والإبداع والصناعة، بل والمبادرة والعالمية في كل مجال لا يتخيله من همش دورهم.

القضية ليست جيلا على حساب جيل، ولا عمرا على حساب عمر، بل هي توازن أجيال، كل يؤدي دوره في زمن عمري وتاريخ صلاحية لذات العمل، لا أن يكون سن التقاعد فزاعة خوف تدفع إنسان الوطن للاستبداد والدكتاتورية تجاه غيره حتى آخر قطرة، ليجيء من بعده من اقترب من مصقلة الإحالة على المعاش فيعيش على لعب ذات الدور على شباب من زملاء مهنته.

أعظم ما يواجهه الشباب - في نظري واعتقادي - ثقافة تهميش معنوي ومادي مقصودة وغير مقصودة في تعامل غالب مؤسسات المجتمع المدني معهم، ثم بعد ذلك القضاء على ما تبقى من طموحهم ببعض برامج من نوع (التهليس) والدعاية الفارغة كالسراب للعطشان حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.

ليتق الله في أبناء الوطن كل من تولى من أمور المسلمين شيئا، فمنعهم من مقدرات دولة صرح ولي الأمر فيها مرارا وتكرارا بأن شباب الوطن أصل المستفيدين من رحابته.

فلا تخونوا الله وتخونوا أماناتكم وأنتم تدعون فهما أكثر منهم وحكمة أحسن منهم وتعقلا أهم من حماسهم، فلستم بذلك صادقين حين التعميم ولا واثقين في محك الاختبار.

رؤية الشباب أعظم وفرة في المعلومات، وأجدى ممارسة في معالجة للمعطيات، وما ذلك إلا نتيجة فرصة سنحت لهم في عالم اليوم ليأخذوا زمام المبادرة استحقاقا دون وصاية تريث، ولا زعميات أخطار.

من ينخرط في اجتماعات وأعمال وورش عمل وشراكة إنجاز مع شابات الوطن وشبابه سيبني بما يستفيده منهم فكرا متجددا لذاته قبل مؤسسته أو إدارته، وسيعلم بأن عبقرية الزمن ظاهرة فيهم حين يبادرون ويدرسون وينفذون ثم يقيمون ويطورون ويحسنون.

مدير شاب ذو أفق تطوير ومسؤولية أداء ومناسبة زمان أجدى ألف مرة من أقدمية خدمة وخبرة سنوات تتكرر بذات تعامل وخرافة حكمة لم تقدم إلا تعطيل تنمية وبطء إجراءات.

@albabamohamad