عبدالله الجنيد

أمير كاميلوت

الاحد - 13 أغسطس 2017

Sun - 13 Aug 2017

قد لا تعنينا الآن الأسباب وراء تنازل الأمير الوالد عن الحكم لسمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولكن خروج حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني من رئاسة الوزراء يجب أن يكون ذا صلة بنفس السبب أو الأسباب. حمد بن جاسم أو كما يسمى في الصحافة الغربية «بن جاسم» أجاد أداء شخصية صانع الملوك في الإمارة الصغيرة. ومهما اختلفنا حول شخصية أو شخص الشيخ حمد بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء القطري الأسبق، إلا أنه يبقى شخصية مركبة التكوين تتجاوز تزاحم مكوناتها رقعة العالم العربي. وها هو الآن من يدير الجهد غير الرسمي سياسيا وإعلاميا بعد أن كشفت مقاطعة قطر سياسيا واقتصاديا هشاشة مكونات الدولة ومشروعها السياسي.

في مقابلته الأخيرة مع الإعلامي الأمريكي تشارلي روز من قناة بي بي اس وبسؤاله «حدثني أكثر عن المعاناة الإنسانية التي يعيشها القطريون». يجيب بن جاسم «إن التفاف القطريين حول أميرهم أمر يمثل حقيقة الإرادة القطرية». المستغرب في هذه الإجابة أن أمير كاميلوت قبل ذلك بسؤال كان يساوي المعاناة القطرية بمعاناة أهل غزة أثناء الحصار الإسرائيلي، رغم تجاهله استثناء الغذاء والدواء من إجراءات المقاطعة مع قطر، فلماذا يجبر القطريون أن يعيشوا تلك المعاناة.

المقابلة لم تخل من بعض الطرافة، أو ربما أن تشارلي روز تعمد التغاضي منعا لإحراج ضيفة حول إغلاق الحدود، عندما أجاب بن جاسم «تصور، أن يصحو أهل ليتوانيا ليجدوا أن ألمانيا قد أغلقت حدودها معهم دون سابق إنذار، وفي ذلك تجاوز على ميثاق الاتحاد الأوروبي»! الإشكالية في هذه الصورة المجازية هي أن ليتوانيا لا تشترك مع ألمانيا في حدود برية لأن بولندا تقع بينهما.

لغة بن جاسم الإنجليزية ليست معقدة إن لم نقل بسيطة، وبالتأكيد هي لا تتناسب والهالة التي أسبغت عليه من الآلة الإعلامية إبان ترؤسه الحكومة القطرية، وحتى مقابلاته باللغة العربية جاءت باهتة بعد تركه رئاسة الوزراء، أو ربما تعمد هو الظهور بالغموض. وكذلك كان الأمر من صبغة الشعر، فربما أراد أن يضاف لأسمائه الكثيرة اسم حكيم قطر إن لم يكن الثعلب الفضي في إضافة درامية للمشهد لاستعطاف الرأي العام الأمريكي.

ظهور بن جاسم من خلال الإعلام الوطني كان من مستجدات إدارة الأزمة قطريا ولو لدقائق لبث كلمة مباشرة أو مسجلة كانت مرتقبة له، إلا أن وقف بثها حينذاك أثار الكثير من الأسئلة والأسئلة. فعودة الحكيم للمشهد الوطني من على الأرض القطرية قد يقرأ إما قصورا في الأداء من الأمير الشاب أو الأمير الوالد، أو لكليهما معا، وذلك أمر غير محمود سياسيا، حيث اقتضت المحاصصة ابتعاد أمير كاميلوت عن الشأن الوطني بشكل خاص. جهده الخارجي رافد للجهد الرسمي أمر مقبول، أما عودة شخصية بحجمه للمشهد القطري فقد ينتج عنها تحجيم لمكونات هرم السلطة وطنيا.

@aj_jobs