مانع اليامي

رجة إدارية

الخميس - 10 أغسطس 2017

Thu - 10 Aug 2017

«الرجة» في قواميس المعاني تعني الفوضى أو الضوضاء، أيضا تعني اختلاط الأصوات، ويمكن سحب هذه المعاني لتوصيف الأوضاع الإدارية في بعض الجهات الحكومية التي يضعها القدر في أيادي مدراء سوء الاختيار، وما أدراك ما مدراء سوء الاختيار، فهم بالتجربة دائما في حالة التباس ودوران، يصنعون الفوضى ويصدرونها لبيئة العمل، على أياديهم تولد السلبيات في وقت وجيز، هم صراحة الوقود الذي يضعف الجودة ويعظم الفاقد ويحرك الصراعات الوظيفية، يميزهم أكثر الشروع في محاربة الكفاءات، وذلك لا يعود لشيء سوى خوفهم من انكشاف ضعفهم أو نية الإخلال بالنظام، ولمن أراد التعرف على أكثر ملامح القوم وضوحا فلن تواجهه صعوبة في رصد خطوط سير المحسوبيات حيث يحلون، غير أن نهاياتهم - أقصد مدراء سوء الاختيار - أحيانا لا تأتي سعيدة، وقد ثبت يقينا أن جلهم لا يستطيعون المضي قدما، التاريخ يقول إنهم يسقطون في منتصف الطريق، لكن المصيبة الكبرى تظهر في حصول البعض منهم على الحماية الإدارية العليا التي تحول دون تصحيح الأوضاع، ومثل هذه الحماية لا بد أن تنتج الكثير من حالات الفساد الإداري، هذا ما يحدث في نهاية المطاف، بمعنى مدراء سوء الاختيار مشروع فساد إداري، بل مشروع فساد مالي محتمل في كل الأحايين.

عموما يبقى عندي أن هذا النوع من الحماية قد يأتي بترتيب، وهذا الأمر متى حدث يندرج تحت بند خيانة الأمانة، وتعريض شرف الوظيفة الحكومية للتشوية، أمام ذلك لا بد أن يتحدث القانون ويقول كلمته للعبرة والردع. قد تأتي بدون قصد سيئ على حساب حماية الكفاءات، وفي مثل هذه الحالة لا بد أن في الموقع الإشرافي فوضويا آخر ربما بآذان كبيرة وعقل صغير، وفي كلتا الحالتين يتعرض الوطن للخسارة انطلاقا من تدني مستوى الأداء إلى هدر الأموال، مرورا بترحيل الكفاءات المهنية التي كان لها أن تحقق ما يخدم المصلحة العليا بإخلاص، وفي الطريق تتعرض مصالح المواطنين للضياع، ولهذه المصالح أوجه، ويبدأ مشوار الشكاوى والتظلمات، ويكثر ضجيج الشارع، وتشغل المراجع العليا وتتصاعد القضايا كنتيجة.

الفرصة متاحة أمام أصحاب الصلاحيات في الوزارات والمصالح الحكومية، كل في جهته، لمراجعة أوضاع المراكز التنفيذية بمقاييس الرؤية الوطنية، وما في جوفها من عمليات الإصلاح الشامل؛ حتى لا تتعثر أهداف الدولة الرامية إلى تحقيق المزيد من التقدم.

كم كنت أرجو أن يتم تخصيص قائمة لمدراء سوء الاختيار (التسمية ما زالت لطيفة) حتى لا تفاجئنا الأيام بأحد منهم في موقع آخر مماثل لموقع فشله السابق أو أعلى (الفشل حمال أوجه)، وقتها تضيع حقوق الدولة وحقوق المواطنين مع سابق الإصرار. هنا تكثر الأسئلة وتعانق السماء.. وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]