محمد العوفي

ما بين جامعتي الحدود الشمالية وجازان

الأربعاء - 09 أغسطس 2017

Wed - 09 Aug 2017

تبرهن الأيام يوما بعد الآخر أن لدينا مشاكل في التعليم سواء في التعيين أو التعاقد أو في الصرف والأمور المالية، فالتجاوزات الإدارية والمالية في الجامعات أصبحت متلازمة مرضية يصعب علاجها لتداخلها مع المصالح الشخصية، ومع كل الاحترام لمسؤولي تلك الجامعات، فإن هذا النوع من التجاوزات – وهي العبارة الأكثر لطفا لمصطلح الفساد – يستدعي علاجها تدخلا من القيادة العليا لتصحيح مسارها وإعادتها إلى جادة الصواب.

ولا أبالغ إن قلت هذه التجاوزات الإدارية والمالية قلما تخلو منها جامعة من جامعاتنا إلا من رحم الله، وإذا افترض حسن نية المسؤول هذا أو ذاك، فحسن النية لا يعني قبول تمرير مثل هذه القضايا أو السكوت دون أن يكون تساؤل حولها.

فابتداء من قضية المحاضرة اللبنانية في أقصى شمال السعودية حتى تكلفة نافورة جامعة جازان في أقصى جنوبها التي بلغت تكلفتها 170 مليون ريال، وما بينهما من تجاوزات في جامعات الوسط والشرق والغرب لم تصل بعد إلى برامج التواصل الاجتماعي حتى تتحول إلى قضايا رأي عام بعد أن أصبحت هذه الوسائل الإدارة الرئيسة لكشفها.

دون الدخول في التفاصيل التي ننتظر أن تنشرها اللجان بعد الانتهاء منها، لكن هناك ملاحظة على تشكيل هذه اللجان، فهذه اللجان تشكل من الجهة المخالفة مما يجعلها خصما وحكما في الوقت ذاته، مما سيؤثر - ودون القدح في أمانة أعضائها – على سير عملها وتدخل فيها عوامل عدة منها المجاملة، والولاء للمؤسسة والعاملين فيها، وتداخل المصالح.. وغيرها، والتي يمكن تجاوزها وضمان الحيادية عندما تتولاها جهة رقابية وتحقيقية لها باع طويل في مثل هذه القضايا.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن قضية المحاضرة في جامعة الحدود الشمالية تعيدنا إلى موضوع سابق له علاقة بالتعاقدات مع الأساتذة غير السعوديين؛ تتعلق بطي قيد عدد من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية لارتكابهم سرقات علمية تم اكتشافها باجتهاد من أساتذة الجامعات لعدم وجود برامج تدعم كشف سرقات الأبحاث باللغة العربية وفق ما ذكره عميد البحث العلمي في جامعة الملك سعود في الرياض الدكتور رشود الخريف، والرابط بينهما أن موضوع التعاقد مع أعضاء هيئة التدريس غير السعوديين لا يخضع لنفس التدقيق والتعقيد الذي يمر بها تعيين عضو هيئة تدريس سعودي أو سعودية ليس له أو لها علاقة بالمسؤول هذا أو ذاك داخل الجامعة أو خارجها!

وموضوع نافورة جامعة جازان هو الآخر يفتح الباب واسعا للتحقيق في الهدر المالي، ويعيدنا إلى موضوع كفاءة الإنفاق الحكومي وفاعليته التي ننادي به في زمن التقشف، لاسيما أن النافورة شيء جمالي لا علاقة له بالعملية التعليمية لا من بعيد ولا من قريب؛ فلو صرف جزء من هذه المبلغ لتأمين احتياجات ضرورية وأساسية أو الاستفادة منها فيما يدعم العملية التعليمية للجامعة لكن أفضل قيمة وأكثر نفعا.

على أية حال، ما ظهر في جامعتي الحدود الشمالية وجازان يعد رأس جبل الجليد لما يدور في الكواليس من تجاوزات إدارية ومالية في الجامعات السعودية ككل، والأيام حبلى لكشف مزيد من المفاجآت في ظل نشاط رواد التواصل الاجتماعي في كشف المزيد من هذه التجاوزات التي لن تستثنى أي وزارة أو قطاع.

mohdalofi@