محمد حطحوط

أسوأ مكان للعيش في أمريكا!

الاثنين - 07 أغسطس 2017

Mon - 07 Aug 2017

كريس انقرم صحفي أمريكي يكتب في صحيفة الواشنطن بوست، والتي ابتاعها مؤخرا رجل الأعمال جيف بيزوس، المؤسس والمدير التنفيذي لموقع أمازون. كتب انقرم مقالا قبل سنتين غير حياته، في قصة مثيرة بكل تفاصيلها. بدأت الحكاية عندما قرأ كريس دراسة علمية شاردة نشرتها وزارة الزراعة الأمريكية عن تصنيف الأقاليم في الولايات المتحدة الأمريكية. (الإقليم «county» هو تقسيم داخل كل ولاية، أكبر من المدينة، حيث يصل تعداد الأقاليم داخل ولاية صغيرة مثل ديليوير لثلاثة، بينما يتجاوز المئتين والخمسين لولاية ذات مساحة جغرافية كتكساس). نشرت وزارة الزراعة الأمريكية تصنيفا يرتب الأقاليم حسب المناظر الطبيعية في كل إقليم وحسب أحوال الطقس، حيث يكره الأمريكان الطقس الثلجي، كولايات الشمال، وبنفس درجة الكره للأجواء الممطرة مثل سياتل وغيرها. بهذه المعايير تذيل القائمة إقليم اسمه ريد ليك، ويعني البحيرة الحمراء، ويقع في ولاية مينيسوتا شديدة البرودة.

التقط الصحفي انقرم هذه المعلومة من وزارة الزراعة وكتب مقاله عن إقليم ريد ليك وعنون المقال (أسوأ مكان للعيش في أمريكا)، حيث نشر المقال ولكن بعد نشره بدقائق، بدأت الرسائل تنهال على ايميل الرجل كعدد حبات الأرز في محصول الصين العظيم! رسائل يجمعها قاسم مشترك واحد: الكراهية، حيث احتوت أسوأ عبارات السب والشتم واللعن لهذا الكاتب، واتضح له بشكل جلي أن كل هذه الرسائل قادمة من سكان ذاك الإقليم!

كانت كلها ردات فعل سريعة وغاضبة، باستثناء رجل من سكان إقليم ريد ليك اسمه جيسن برونويل، والذي قدم عرضا للكاتب أن يزور الإقليم ويرى ويشاهد بنفسه! قبل انقرم العرض وحمل ما خف من أمتعته وسافر بالطائرة من واشنطن إلى مينيسوتا. وهناك قام جيسن بتجهيز استقبال لطيف له، وتركه يجوب المكان بنفسه ويلتقي بالناس، حيث صدم الرجل بالترحاب الذي لقيه وتعامل الناس الراقي معه. وصدم أكثر للخيارات السياحية والمناظر الجميلة داخل الإقليم. عاد لواشنطن بغير الوجه الذي ذهب به، فلم يستطع الإقليم الأحمر أن يفارق مخيلته وهنا اتخذ القرار الذي لم يتوقعه أحد! حزم أمتعته وقرر الهجرة هو وزوجته وطفلاه والعيش في إقليم البحيرة الحمراء، بعد أن رأى بنفسه ووقف على الحقيقة، واكتشف أن الدراسة العلمية لوزارة الزراعة ظلمت الإقليم كثيرا!

لن أمارس الوصاية على القارئ الكريم في الدروس المستفادة في القصة، لكن سأترك الباب مفتوحا لكل قارئ أن يستلهم درسه الخاص، ولنا نحن معشر الكتاب في هذه الحكاية الكثير والكثير من الوقفات، خصوصا في زمن كتاب من طراز ما يطلبه المشاهدون!

mhathut@