ناصر عليان الخياري

فرط السهر

السبت - 05 أغسطس 2017

Sat - 05 Aug 2017

يبدو أن كمية النوم بدأت في التناقص فوق هذا الكوكب الجميل، أو أن سكان الأرض تضاعف عددهم بما فاق كمية النوم المتوفرة على الكوكب، حيث أصبحت اضطرابات النوم أحد أهم شكاوى أهل الأرض.

في العقد الأخير تفشت في مجتمعنا ظاهرة السهر حتى أضحت ثقافة اجتماعية، وكأن السهر إحدى العادات الجميلة التي تستحق الاحتفاء بها، بل برزت المنافسة بين فئة الشباب والمراهقين فيمن «يصبح» وهو مصطلح يعني أن تسهر ولا تنام إلا بعد ظهور الصباح، ورفيقه مصطلح «مواصل» أي سأصل الليل بالنهار، ولن أنام إلا ضحى الغد. كلنا يعلم أضرار السهر وآثاره النفسية، وما يترتب على ذلك من ضعف في التركيز والنشاط وفقدان القدرة على الحيوية اللازمة لإنجاز الأعمال.

مجتمعنا الجميل فوق أنه يمارس الإفراط بالسهر، فهو يضيف إليه عادات ضارة أخرى، على رأسها الغذاء غير الصحي، وتناول الوجبات في أوقات غير منتظمة، وفوق هذا وذاك يتجاهل ممارسة الرياضة، وهذه الثلاثة أخطر مدمرات الصحة.

إن التساهل في السهر، والتمادي بالإفراط فيه، هو تساهل بما يجره على صحة الإنسان من آثار سلبية قد لا تظهر في البدايات، لكنها حتما ستلقي بأوجاعها في النهايات. في المدارس يشهد المعلمون نشوء ظاهرة السهر بين الطلاب، ففي الصباح تظهر علاماته على العديد من الطلاب، وعند مناقشتهم تكون الإجابة عدم رقابة الأسرة وهوس استخدام الانترنت. في قاعات الجامعات كثير من الطلاب يأتون إلى المحاضرة وهم في الرمق الأخير من القدرة على مواصلة السهر، فيحضر الجسد ويغيب العقل، ومعه يختفي التركيز ويضيع الاستيعاب.

السهر عادة مكتسبة، يمكن السيطرة عليها، ويمكن التخلص منها تماما، رغم التحديات الأولية التي ستواجه الإنسان ليصل بنجاح إلى معدل نوم طبيعي في الوقت الصحيح للنوم. أول خطواتها اليوم هو الابتعاد تماما عن أجهزة الجوال تحديدا عند اقتراب وقت النوم، فهي لص يسرق الأوقات وعدو قاهر للنوم. ثم إن دور الأسرة في توجيه أبنائها، للنوم المبكر، وفي وجود القدوة ابتداء هو محور التغيير في سلوك الناشئة.

إن إهمال الناشئة وتركهم للملهيات والمغريات تتحكم بتوجيه سلوكهم وتصنع لهم نمط حياة سيئا، دون تدخل من الأسرة لهو تقصير بحقهم لا يليق أبدا. أعود للقول إن كمية النوم لم تتناقص على كوكبنا الجميل، ولا تتأثر بازدياد عدد سكانه، لكن هذا الإفراط بالسهر هو بسببنا نحن، وعدم الاهتمام بإعادة النظر بالعادة السيئة التي تضر صحتنا.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال