إسماعيل محمد التركستاني

بعض سيناريوهات الاستثمار الصحي

السبت - 05 أغسطس 2017

Sat - 05 Aug 2017

قرأت إعلانا في إحدى الصحف المحلية، فاستوقفني كثيرا وتأملت عنوانه ومفرداته والصور المرفقة، وقد أخذ من الصفحة نصفها. هنا لن أستخدم كلمات المشروع الصحي، ولكنني سوف أتحدث عن بعض جوانب مثل تلك المشاريع التي تقوم بها بعض المنشآت الصحية الخاصة، بمعنى آخر قراءة تحليلية وفنية، إلى جانب أنه يعتبر مثالا جيدا لما يحدث حاضرا وقد يحدث مستقبلا في تطبيقات الاستثمار في عالم الخدمات الصحية!

الإعلان كان يشير إلى اتفاقية ربط بين المنشأة الصحية الخاصة مع أحد المراكز الأجنبية في تقديم خدمات طبية متطورة في أحد التخصصات الصحية. بمعني تحليلي وفني، أن المصابين بتلك الأمراض سوف يتلقون أفضل الخدمات الاستشارية والعلاجية بإشراف مباشر أو غير مباشر (عن طريق الوسائط المرئية) من قبل الاستشاريين والأخصائيين العاملين بالمركز الأجنبي، وبالتعاون مع العاملين بتلك المنشأة الصحية والتي أرفقت صورهم وهم من الأطباء غير السعوديين!

أنا لست ضد وجود مثل هذه الاتفاقية، فهذا شأن يخص المنشأة الصحية الخاصة في تطوير خدماتها في الرعاية الصحية المقدمة (بمقابل مالي)، إلى جانب أنها أحد الطرق التطبيقية الاستثمارية في كسب ثقة المرضى وزيادة الإقبال عليها، خاصة ممن يملك كرت التأمين الصحي (وغيرهم)، كيف؟

يدرك الجميع، أن ربط اسم أي منشأة صحية بمركز صحي أجنبي (أيا كانت تلك الجهة الأجنبية) هو بمثابة عامل جذب مؤثر للمرضى إلى تلك المنشأة، ويكون الإقبال عليها كبيرا، كيف لا وهذه المنشأة الصحية ترتبط فنيا واستشاريا مع إحدى الجهات الأجنبية التخصصية في هذا الرعاية الصحية! وقد يكون هذا الارتباط لمدة عام أو عامين، ومن ثم يتم فك هذا الارتباط بعد أن يصبح اسم المنشأة الصحية مرتبطا بالمركز الأجنبي في أذهان العامة (مواطنين ومقيمين)، والإعلانات منتشرة هنا وهناك وفي جميع الطرق والشوارع والتي قد آتت أكلها من كل جانب! ويكون نتيجة هذا الارتباط هو زيادة مالية في فاتورة الكشف الطبي والتحاليل والأشعة إلى جانب التنويم وغيرها من الخدمات الطبية!

أما الناحية الأخرى، فهي اكتفاء المنشأة الصحية بالعاملين غير السعوديين في تقديم خدمة الرعاية الصحية، وتدريب وتطوير تلك الأيدي العاملة (غير السعودية) في اكتساب المزيد من الخبرات الفنية في المجال الطبي، وخاصة في التخصصات الصحية النادرة! نعم، هذا من حق المنشأة الصحية، (فالمال مال المستثمر)، ولكن مستقبل العامل الصحي السعودي في قطاع الخصخصة سوف يكون محدودا جدا، والمتمثل في تدريب قصير الأجل لن يكون له أثر مهني مقنع مستقبلا، فعالم الخدمات الصحية متطور باستمرار، أو مكتسب علمي متمثل في المسمى المهني (استشاري أو نائب) والذي يعتمد كليا على الشهادة العلمية الموثقة والمعترف بها محليا ودوليا.

باختصار.. عالم الخصخصة والاستثمار في الخدمات الصحية، سوف يكون مجديا في تنظيم الموارد المالية وطرق الصرف، ولكن قد تكون له أيضا جوانب سلبية عديدة مثل المشاركة المحدودة جدا في برامج ارتقاء وتطوير الأيدي العاملة السعودية في جميع التخصصات الصحية.