شاهر النهاري

محمد بن سلمان والفانوس الأحمر

الخميس - 03 أغسطس 2017

Thu - 03 Aug 2017

والفانوس السحري هنا ليس حكاية شعبية أسطورية، بل إنه محصلة تحقق أمنيات غاليات كنا نشعر أنها من أبعد المستحيلات، فما لبثت أن أصبحت حقائق تتكامل على أرض الواقع الجميل، ويلمسها الذي ينظر للأمور بعقلانية، وليس بعاطفة مخلوطة بمشاعر الخوف والتردد.

الأمير الشاب مسح على الفانوس الأحمر، فكان أن أطلق من فوهته رؤية جديدة، قلبت كل الموازين التي كانت تميل كل الميل للتقوقع، وتعانق التناقض، وترفض التقدم خطوة.

مساحة المملكة العربية السعودية تقارن بمساحة قارة، وهي تمتلك مختلف الموارد الطبيعية، والعناصر البشرية، والظروف البيئية والمناخية، ولم يكن ينقصها إلا تحريك يد الفكر فوق الفانوس أثناء البحث عن بدائل تنويع مصادر الدخل، رغم ما كان حولنا من قيود، وتناقض اجتماعي يجعلنا نترك بلدنا في كثير من العطلات السنوية، وعند قسوة المناخ في بعض أجزاء هذه القارة، فنشد رحالنا للخارج، ونحمل معنا مدخراتنا السنوية، لنهبها طوعا لدول سياحية بعيدة، رغم ما كنا نعانيه في بعضها من مضايقات وتحايل وصعوبات.

سمو الأمير محمد بن سلمان، وبمجرد مسحة على الفانوس السحري أعلن عن إطلاق مشروع سياحي عالمي في المملكة تحت مسمى «البحر الأحمر»، يقام على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالا وتنوعا في العالم، بالتعاون مع أهم وأكبر الشركات العالمية في قطاع الضيافة والفندقة، بغرض تطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، وعلى بعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية البكر في المملكة، الغنية بحرات البراكين الخاملة في منطقة (حرة الرهاة).

وجهة ساحلية ساحرة، ستسمح لمحبي الغوص بالتمتع بأنقى الشواطئ، وأندر الشعاب المرجانية، ولمحبي الحياة والبيئة محميات طبيعية تمكنهم من اكتشاف تنوع الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة، بالإضافة إلى الحرات والبراكين الخامدة، والمغارات، وليس بعيدا عنها تقع منطقة آثار مدائن صالح، التي تمتاز بجمالها الهندسي، والعمراني، وبأهميتها التاريخية الكبيرة، فيتبنى المشروع رعايتها، وتسهيل وسائل الوصول إليها لإشباع هوايات محبي الآثار التي تمثل بجانب مناطق الترفيه، والسكنى مما يجعلها تبلغ قمة مستويات المتعة والرفاهية.

مسحة نوعية ستنقل السعودية من مفهوم السياحة الخارجية، إلى مفهوم السياحة الداخلية، والتي حددت الرؤية بأنها أحد أهم مصادر تنويع الدخل، بمجرد تطوير ذلك المفهوم، وبما سيدر على السعودية أكثر من 15 مليارا سنويا.

ويحكم المشروع معايير جديدة، تطمح للارتقاء بالسياحة الداخلية إلى المفهوم العالمي، باحتوائه على جميع ما يتعلق بالترفيه والصحة والاسترخاء، وبتوازن مع عمليات المحافظة على التراث، وعلى الطبيعة من العبث، والضياع.

ومنعا للحرج فإن المشروع سيتحدى كل العراقيل الاجتماعية المعروفة، والتي أخرت نشوء مثل تلك المشاريع، بوضع «البحر الأحمر» كمنطقة خاصة، تطبق فيها الأنظمة المناسبة لأجواء ومعايير السياحة، ووفقا لأفضل الممارسات والخبرات العالمية، مما يمكن المستثمرين من تحقيق أهداف المشروع.

كما سيكون استقبال أغلب السياح دون تعقيدات من نواحي الجوازات والتأشيرات، وبتذليل الصعوبات، التي كانت تعوقهم في الماضي.

الخبر مفرح وعظيم، ويأتي على قدر رغبتنا الشعبية والحكومية في أن يتعاظم شأن هذا البلد، وأن يحوز جميع أسس ومعطيات النماء والاستقرار والتقدم والتطور والعالمية.

Shaheralnahari@