محمد أحمد بابا

المنشآت الصغيرة مظلومة ومهمشة وبلا حماية

الاحد - 30 يوليو 2017

Sun - 30 Jul 2017

الاستقواء على الضعيف أظنه من أسوء الممارسات الإنسانية، على المستوى الفردي الشخصي أو على المستوى المؤسسي وفق اللوائح والتشريعات، خاصة عندما يتعلق الأمر بتطبيق الجديد من الأنظمة والقوانين.



ولا شك بأن المال وتنميته على الصعيد التجاري ابتداء من بقالة الحي مرورا بمحتكرات النقل وانتهاء بالعلامات التجارية العالمية يستدعيان خوفا وترددا وقلقا حيال كل طارئ من قرارات أو مستجدات توثيق وضريبة وتحقق أهلية.



ومنذ أن انطلقت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية منذ أكثر من عقد من الزمن في إمداد الساحة الجدلية بحزمة من التنظيمات تتسابق لسد الطريق الضيق أمام صغار المحاولين في الفرص التجارية، والساحة الوطنية تضج بمبادرات براقة الأمل لريادة الأعمال ودعم المنشآت الصغيرة، وتوطين الأعمال دون مردود واقع يجعل رضا أصحاب المؤسسات والمحال المتناهية في الصغر يظهر ولو في بسيط تعامل أو قليل إجراء.



بل على العكس تماما ومن خلال استطلاع رأي كثير من هؤلاء ستجد الحسرة والبؤس واليأس وقتل الطموح والشعور بالعجز امتلك الكثير منهم وهم يجدون أنفسهم ومنشآتهم البسيطة محط تجارب فرد عضلات المفتشين وإثبات قدرة المديرين ودليل نجاح فروع المؤسسات الحكومية في المناطق.



فالتأمينات الاجتماعية ومكاتب العمل تجعل من هذه الفرص التجارية الصغيرة صيدا ثمينا لتثبت محاربة السعودة الوهمية والتحايل على برنامج نطاقات لتستخدم الفرشاة وتلون باللون الأحمر أغلب ملفات هؤلاء المساكين، لأن ذلك سيدخل في حساب الحالات التي عالجتها تلك المؤسسات وتربح نقطة إشادة في الإعلام مؤثرة على الرأي العام، بينما منشآت عملاقة أو متوسطة تسرح وتمرح في بحبوحة روح نظام محرومة منه المنشآت الصغيرة.



والعجيب الغريب بأن هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة الواعدة التي كلفت بتبني صغار المستثمرين والتجار غابت حين الدعم النظامي لتترك الذبيح للذابح يفعل فيه ما يشاء، بحجة أن القانون على الجميع، بينما تولي هذه الهيئة اهتماما كبيرا للتصريح ببرامجها للمساعدة في الدعم المالي والتخطيطي لتشجيع قيام منشآت بهذا الحجم على الصعيد المحلي تاركة ما هو قائم لظلم التحريات الانتقائية من مهاجمي وزارة التجارة والعمل والتأمينات لمحل بيع طعمية أو مستودع صغير لمواد البناء أو مطعم شرقي على ناصية شارع هادئ.



كل من يفهم من الاقتصاد والتنمية وما عليه رؤية الوطن التنموية الفتية وبرامجها المتقنة في الصياغة والتخطيط سيلاحظ البون الشاسع بين نعيم مقيم ينعم به أصحاب المنشآت الكبيرة رغم زيادة ضرائب أو رسوم أو تشريعات بينما حال مؤلم ومحزن يقبع فيه من علق أمله بالتجارة المتاحة، والتزم جادة النظام حتى فوجئ بأنه أول قربان يقدم لمشنقة التطبيق، فندم على يوم أغواه شيطان التهور لمحاولة اكتساب مشروع.



يخرج من سوق العمل السعودي الوطني يوميا عشرات الأشخاص مالكو منشآت صغيرة بسبب تعرضهم في أوائل التطبيق لغرامات وعقوبات مالية وإجرائية، لأن المفتش الفلاني أقر ذلك في محضره، وصاحب المنشأة فقير علم بمدلولات اللوائح واستثناءات القواعد وأسعار المحامين في استعلاء تفكير أن تساعد صاحب محل لزينة السيارات.



كيف سيفهم شبابنا دعم ريادة أعمالهم وهم أول من يطبق عليهم نظام ادفع ثم اشتك؟ وكيف ستستوعب شاباتنا بأن توطين امتلاكهن لخدمات النساء مهم لدى المؤسسات الحكومية وهن يقبعن تحت نير رخصة المحل، وأين العاملات، وأحضري ما يثبت؟



albabamohamad@