حنان المرحبي

التجارة الدولية

الجمعة - 28 يوليو 2017

Fri - 28 Jul 2017

لماذا نحن بحاجة لأن يكون لنا موقع على خارطة التجارة الدولية ليس فقط كمصدرين وموردين للمنتجات والخدمات، ولكن أيضا كأصحاب مشاريع استثمارية تغطي فروعها شتى أنحاء العالم؟

السبب الأول تؤكد عليه العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والسياسة. تعد القوى الاقتصادية من المحركات المهمة على طاولة المفاوضات السياسية، وغالبا ما تؤثر على مواقف الدول وعلاقاتها، ومنها تبرز فرص الشراكة بينها والتحالفات الاستراتيجية لتعزيز نفوذ الأعضاء تجاريا وسياسيا. وقد هيمن العديد من المشاريع العالمية على عدد من الصناعات الهامة كالطائرات التجارية والحربية والأسلحة وتقنيات المعلومات. وهذه الصناعات قد منحت روادها ميزة وتمركز يصعب اللحاق به ومنافسته باعتبارهم أول من أطلقها ونجح في تحويلها من أفكار وأبحاث إلى منتجات على أرض الواقع تكبد فيها المستثمرون خسائر رأسمالية باهظة لسنوات مديدة. ومن الخطأ الاعتقاد بأن هذه الشركات ستقبل بمشاركة المعرفة والتقنيات التي بنتها لسنوات مع مستثمر جديد لأن هذا الخيار ليس ذكيا إذا ما أرادت الحفاظ على مواقعها المتقدمة وإبقاء الحاجز الرأسمالي الضخم أمام دخول المنافسين للصناعة. والحكومات التي انطلقت منها تلك الصناعات الهامة قد حققت تقدما في مواقعها على الخارطة الدولية سياسيا واقتصاديا ومعرفيا لهذا ستجدهم يفاوضون ويتدخلون بكل ما من شأنه تعزيز نمو وتمركز تلك الصناعات.

والتفكير في إنشاء مشاريع مماثلة من قبل المستثمرين الجدد محكوم بخسائر رأسمالية طائلة ومحتومة وسيكون أولئك المستثمرون بأمس الحاجة لوجود دعم حكومي سخي.

السبب الثاني يتمثل في حجم العوائد التي تحققها المشاريع حينما تخرج من نطاقها المحلي المتشبع أو الذي يشهد منافسة طاحنة وتبحث عن أسواق دولية جديدة للنمو والتوسع. نأخذ العملاقة بوينج كنموذج، تفوقت الشركة في ثلاثة مجالات: الطائرات التجارية، الطائرات والمعدات الحربية وأمن المعلومات والفضاء.

تغطي الشركة احتياج 150 دولة بمختلف أرجاء العالم وبحسب ما جاء على لسان مارك الين رئيس قسم بوينج الدولية فإن نسبة الإيرادات التي حققتها الشركة من خارج أمريكا وصلت إلى 70% من إجمالي الإرادات في نهاية 2016، ما يعني أن 70% من زبائن بوينج موجودون خارج أمريكا. ولأجل اختصار الوقت اللازم وتخفيض تكاليف تطوير بوينج 787، اعتمدت الشركة استراتيجية تقضي بالتعاقد مع مصانع خارجية لإمدادها (outsource) 70 % من أجزاء الطائرة (30% من الأجزاء من مصانع غير أمريكية). ومن بين تلك الأجزاء بطاريات (Lithium-ion) التي لا تصنع إلا خارج أمريكا.

تتعدد وتتنوع المزايا الاقتصادية التي تتمتع بها الدول بمقدار ونوعية الموارد التي تملكها. وتحديد تلك المزايا يعد الخطوة الأولى والأهم للخروج بمشاريع دولية. فالدول التي تتمتع بوفرة الأيدي العاملة منخفضة الأجور تكون جاذبة للصناعات التي تعتمد على كثرة العمال كالسيارات والنسيج، أما الدول التي تتمتع بمواقع جغرافية مهمة كدول الشرق الأوسط التي تنتصف القارات فيمكن لها أن تتفوق في خدمات النقل والشحن الجوي والبحري والبري.

@hanan_almarhabi