محمد أحمد بابا

مواقع التواصل وهوس المشاركة

الخميس - 27 يوليو 2017

Thu - 27 Jul 2017

المجتمع الافتراضي العربي في شبكات التواصل الاجتماعي يطالب كل من له حساب في شبكة أن يلتزم ببروتوكولات (الهوس) في المشاركة أو التعليق أو إعادة المنشور، ومن ذلك تجد نفسك مدعوا بقوة (البريستيج) الالكتروني إلى ضرورة: تسجيل (موقف) من كل شيء وكل أحد وكل طبخة وكل جديد وكل قديم وكل شائعة وكل خبر وكل موضة وكل كذبة وكل تحليل وكل دولة وكل حزب وكل حرب وكل فرح وكل نفاق وكل قتل وكل قانون وكل مبادرة وكل كتاب وكل قصيدة وكل خاطرة وكل أنثى وكل متهم وكل مسؤول وكل طفل. لكن إن لم تفعل فأنت: جبان - خائن - جاهل - مغيب - مغرر بك - سطحي - راديكالي - ملحد - عابث - غبي - جاحد - مارق - بلا أدب - متخلف - رجعي - خفاش - صامت - انتقائي - متربص.



وإن فعلت عن قناعة وقلت رأيك، فعليك حماية خدك الأيمن والأيسر من حذاء المردة والشياطين. وإن حايدت ببعض كلام على السطر، فاسلم بعض وقت وتيقظ لصندوق رسائلك الخاص.



يطلبون من كل أحد: أن يكون محللا رياضيا، ومفتيا، وناشطا في الحقوق، وذا معلومات صحية، وصاحب مذاق، وله إحساس شاعر، وجناحا طير، ويدا خباز، وسمة عابد، وسحنة غجري، وعقل حاوي، وأن يكون مواطنا صالحا (باللايكات)، وصاحب دين (بالأدعية)، وصاحب فكر (بالمنقولات)، وصاحب مشاعر (بالخواطر)، وصاحب سياسة (بالشائعات)، وصاحب وداعة (بالمجاملات)، وذا حراك اجتماعي (بالسيلفي).



والحق بأن التواصل الاجتماعي يعني حرية الرأي ابتداء، مع حرية الاختيار أصلا، بحرية التناول تفاعلا، وضمان حرية التغير أثناء، وحق حرية التوقف انتهاء، في ضبط حريات بدين، وتنظيم اختيارات بقانون، وإرجاع تصرفات لالتزام مبدأ عام وأوامر دولة.



وإلا (فمواقع التواصل) ستصبح للعرب مائدة لئام، تستضيف جياعا على مائدة غث وسمين وما بينهما لئيم.



أما الوطن وقراراته وما يؤمن به كل مواطن، فالولاء له دم يجري في عروق المنصفين، والثقة بأن مراس أهل الشأن في الذود عن قضاياه السياسية ماضية وثابتة، في قناعة رأي أن إدارة وطننا في يد من حزم وعيون من بصيرة وقيادة هي لما تقره أهل، لتكون الكلمة لصاحب الصلاحية استحقاقا وتصرفا.



وحسن الظن بأن جعل الله تعالى الناس في التعبير أصحاب اختلاف اهتمامات، وذوي تعددية اتجاهات، يحتم على جيران التواصل الاجتماعي حسن جوار بابتسامة ثقة أن بعضنا قد يسمع موسيقى تعجبه جدا لكنه لا يجيد الرقص.



@albabamohamad