عبدالله المزهر

الساكت الرسمي!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 26 يوليو 2017

Wed - 26 Jul 2017

نشرت هذه الصحيفة الموقرة تحقيقا صحفيا عن أكثر المسؤولين صمتا، وكان تحقيقا مميزا كعادة صحيفة مكة التي تتميز بأمور كثيرة لعل أهمها على الإطلاق ـ كما تعلمون ـ هو وجودي ـ أدام الله ظلي ـ ضمن كتابها.



أرسلت الصحيفة استفسارا إلى المتحدثين الرسميين في ثماني عشرة جهة حكومية وكانت نسبة النجاح في التجاوب هي 22% وهي نسبة رآها البعض ضعيفة ومتدنية، لأن أربع جهات فقط هي من تجاوب، وردت على الاستفسارات في الوقت المحدد. لكن البعض الآخر ـ وأنا منهم ـ يعتقدون أنها نسبة مرتفعة وليست مؤشرا جيدا. فالصمت كما تعلمون أبلغ من الكلام في مواضع كثيرة.



وحين لا يكون لدى الجهة ما تقوله فإن صمتها من ذهب، وحين يكون الإنجاز قليلا فإن الصمت حكمة. والجهات التي لا تتجاوب مع وسائل الإعلام وترد على استفساراتها لا تفعل ذلك اعتباطا أو تجاهلا ولكنها تفعل ذلك لأسباب قد تكون وجيهة وإن ظن البعض أنها ليست كذلك.



قد يكون السبب أن الناس حين يسمعون مسؤول تلك الجهة يتحدث سيقولون: ليته سكت. وقد حدث هذا مرارا وتكرارا والعاقل من يتعلم من غيره وينجو بنفسه مما أورد غيره المهالك، ولذلك فإن المتحدث الرسمي برفضه التعاون والإجابة على الاستفسارات قد حقق رغبة الناس بشكل استباقي.



وحسب التحقيق الذي أجرته الصحيفة فإن النسبة الأعلى من الجهات المتجاوبة هي جهات لا علاقة لها بشكل مباشر بمشاكل الناس وهمومهم اليومية، ولذلك فإن كلام مثل هذه الجهات لن يجد الكثير ممن يقرؤه بتمعن ويفند ما جاء فيه. وهذا قد يكون السبب الآخر الذي يدفع المتحدث الرسمي لكي يكون «الساكت الرسمي» في الجهات التي يصدق الناس فيها «الخدمات» أكثر من تصديقهم للتصريحات. لأنه يعلم أن الكلام غير الصحيح أشد ضررا من السكوت والتطنيش.



وعلى أي حال..

«تكلم حتى أراك» مثل لا يمكن تطبيقه على الجهات الخدمية، فالناس يرونهم ويسمعون «صمتهم». وصمت المتحدث الرسمي لجهة ما قد يكون دليلا على حسن خلقه، فلعله يعلم أنه لن يكون فيما سيقوله خير فصمت، فجزاه الله عن الناس وعن الصحيفة خير الجزاء.



agrni@