شاهر النهاري

فلسطين الضفة والقدس وغزة

الأربعاء - 26 يوليو 2017

Wed - 26 Jul 2017

لن يستطيع أي مزاود ضعيف الذاكرة أن يفصل بين حكومات وشعب السعودية، وبين هذه الكيانات الغالية على أنفسنا، ولا أن يقزم من بحار مشاعرنا، ونخيل جهودنا على مدى سبعة عقود من الأمل، والعمل، فمنذ أيام دراستنا الأولى كنا ندرس أننا فلسطين، وأن الدم الفلسطيني دمنا، وكم دفعنا من مصروفنا المدرسي البسيط ريالا، لننقذ عربيا.



وقد عبرنا أزمان الناصرية، والرمي في البحر، والنكسة، واحتلال غزة، والجولان، والعبور، والكرامة، وكامب ديفيد لحظة بلحظة.



ثم إنا قد عشنا تهويد أرض القدس، وحجارة الانتفاضة، وبناء المستعمرات، والحائط العنصري، والحفر بحثا عن هيكل سليمان، وصدمة الانقسام الفلسطيني، وكثرة من يدعون وصلا بليلى، وأخيرا ما حدث قبل عدة أيام من حادثة الحرم القدسي، وإجبار المصلين على المرور من البوابات الالكترونية، وحادث مقتل حارس السفارة الإسرائيلية بالأردن، وما تلاها من أحداث، فالتهبت أنفاسنا العربية، وستظل فلسطينية عربية، مثلها مثل أنفاس سكان فلسطين.



ومن عجب أن يتفاعل المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، (نيكولاي ملادينوف)، خلال جلسة خاصة في مجلس الأمن عند حديثه عن الوضع في القدس المحتلة يوم الثلاثاء 25 يوليو الحالي، مطالبا بإطلاق عملية سياسية وفق قرارات الأمم المتحدة، ومؤكدا على إن على إسرائيل احترام التزاماتها وتجنب العنف والتوتر.



وقد شرح حال الفلسطينيين بأنهم قلقون على هويتهم الدينية، وبين شعورهم بالعزلة والتهديد، كما دعا إلى عودة الأوضاع في القدس إلى ما كانت عليه تاريخيا.

كما حض إسرائيل على مواصلة اتصالاتها مع الأردن نظرا لدوره التاريخي في تلك القضية.



ولم ينس أن يطالب بتدخل الدول الأعضاء في مجلس الأمن بوقف التصعيد، والتعاطف مع أهل الضحايا، معلنا تخوفه من تحول الخلاف في القدس إلى صراع ديني.



وأوضح أن نصف قرن من الاحتلال تسبب بأضرار على الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيرا إلى أن نزاعهما لا ينحصر بمسألة الأرض فحسب.



وقد دعا المنسق الأممي حركة حماس لضبط الحدود مع مصر، ووقف التعبئة والتسلح ضد إسرائيل، وحث القيادات الفلسطينية على تحريك العملية السياسية، والتغلب على مسألة الانقسام الفلسطيني.



وقد حذر من أن الفشل في حل أزمة غزة قد يؤدي إلى تفاقم الأمور، وازدياد التطرف، موضحا أن «الهوة تزداد بين الضفة وغزة وسط مخاوف من انهيار كامل في القطاع، يدفع شعب غزة ثمنه».



كما أقر بأن تكثيف عمليات الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي المحتلة تقوض الاستقرار.



كلام لم نسمع في السابق ما يشابهه، من جهة عالمية مسؤولة عن مراقبة القضية، مع العلم أن كل من تولوا الحديث نيابة عن الفلسطينيين من القادة العرب، والقادة الفلسطينيين قد قالوا تقريبا نفس الكلام.



إذا فهذا الكلام لا يحتاج إلا للتنفيذ، وهو نفس ما طالبت به دول عربية شتى طوال العقود المنصرمة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ولكنه يظل في النطاق النظري، والذي لا يتحقق، نظرا لكثرة تشتت القضية، وتناثر دمائها الفلسطينية، بين كثرة المطالبين بالدم، وكثرة من يعبثون به، ومن يريدون الاستفادة من تلك الأوضاع المقلقة المستمرة، لتبرير وجودهم وأعمالهم، ولرفع قيمتهم درجات لم يكونوا لينالوها بدون استخدامهم لمظلومية القدس.



Shaheralnahari@