عبدالله المزهر

صحيفة أخبار الشلة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 24 يوليو 2017

Mon - 24 Jul 2017

قبل عدد لا بأس به من السنوات قررت مع مجموعة من الأصدقاء إصدار صحيفة أسبوعية يرأس تحريرها ثلاثة أشخاص بالتناوب، في كل أسبوع رئيس تحرير مختلف. الصحيفة لم تكن تهتم بأي شيء سوى أخبار «شلتنا» وبعض المقالات أو الصور التي تتعلق بتلك المجموعة الضالة من الأصدقاء. وكان اسم هذه الصحيفة العريقة «أخبار الشلة».



ومع أن صحيفتنا لا تطبع أكثر من عشر نسخ أسبوعيا، ولا يعرفها إلا هؤلاء العشرة الذين يطالعونها كل أسبوع، إلا أنها توقفت عن الصدور بعد ثمانية أعداد؛ لأنها تسببت في خلافات حادة بين أعضاء شلتنا كادت تصل إلى القطيعة في بعض الأحيان.



والحقيقة أيها الجمع الكريم أنني بعد أن جربت الكتابة في صحف ومواقع أكثر انتشارا من «أخبار الشلة» اكتشفت أن الأمر لا يختلف كثيرا، فالتفسيرات الجاهزة، أو النوايا المبيتة لتفسير الكلام على غير ما يراد منه كانت حاضرة في التجربتين. وحضور سوء الظن ليس المشكلة، ولكن المشكلة أن يكون حضوره هو القاعدة وافتراض حسن النية هو الاستثناء.



الأسبوع الذي كنت أتولى فيه رئاسة تحرير نشرتنا العريقة كان أسبوعا مليئا بالضغوطات والمكالمات التي تطلب عدم نشر أي شيء يخص حادثة معينة، أو عدم التعليق على «سالفة» مملة ذكرها أحد الأعضاء. أو الإلحاح على الكتابة عن موقف غبي تعرض له عضو آخر. وبما أن جمهور صحيفتي كان عشرة أشخاص لا غير ـ أصبحوا سبعة قبل العدد الأخير ـ فإني أصاب بالرعب لمجرد تخيل ما يمكن أن يتعرض له رئيس تحرير صحيفة سعودية يقرؤها عدد أكثر من أصدقائي السبعة.



وعلى أي حال..

لعل أهم ما توصلت إليه من خلال هاتين التجربتين العظيمتين هو وجود كائنات مهددة بالانقراض لا يهتم بوجودها والمحافظة عليها أحد، وأعني تلك الكائنات التي تقرأ فتعتقد أن هذا رأي الكاتب، ثم لا تصنفه بناء على رأيه، ولا تفترض بشكل آلي أنه ما كتب إلا مجبرا، أو لأنه قد قبض ثمنا لرأيه، أو أن له مآرب أخرى لم يفصح عنها. تلك الكائنات التي تتعامل مع المكتوب فقط لا تشغل نفسها بعلم النوايا ومعرفة ما تخفي الصدور، لأنها ربما تعلم أن هذا شأن إلهي بحت وادعاء معرفته يكاد يكون شركا.



@agrni