الإجازة ليست طويلة!

الاثنين - 24 يوليو 2017

Mon - 24 Jul 2017

يشتكي كثير من أولياء أمور الطلاب من فراغ أوقات أبنائنا وبناتنا في هذا الصيف، فنحن نشهد حاليا أطول إجازة مدرسية مرت منذ 25 سنة. ويرى كثير من التربويين أن هذه المدة الطويلة من توقف مدارسنا من أسباب ضعف مخرجات التعليم، فالمملكة تقف عند الحد الأدنى لأيام الدراسة بالمقارنة مع بقية دول العالم. ولذلك نكثر من لوم وانتقاد وزارة التعليم كونها المسؤولة عن هذه المخرجات التي نسعى دوما في إصلاحها، فتارة نرى إصلاح التعليم برفع كفاءة المعلمين، وتارة بتطوير المناهج، وتارة أخرى في زيادة مدة الدراسة وغيرها مما يساهم في رفع محصلة الطالب تعليميا وتربويا. ولكن قبل التوصل إلى إصلاحات ممكنة، لا بد من البحث عن أساس المشكلة، فهل هي مشكلة تملك وزارة التعليم سبل إصلاحها؟ وهل فعلا من مشكلاتنا طول الإجازة؟



إن النظام المدرسي أنشئ في القرن الـ19 الميلادي، ومنذ ذلك الوقت وهو يمثل دورا أساسيا في تشكيل شخصية الأطفال، ومع مرور الوقت تطورت المدرسة بشكل كبير، إلا أن دورها أصبح أقل من السابق. فحين نسمع ونقرأ سير من سبقونا نرى أن المدرسة تكاد تكون المصدر الأوحد للمعلومة وتلقي العلم وهي من تشكل ثقافة المجتمع الصغير آنذاك. أما الآن، فالطالب لا ينتمي لذلك المجتمع الصغير المعتمد على المدرسة، بل أصبح عضوا في العالم الواسع الذي سهل فيه تلقي المعلومات والأخبار من خلال ضغطة زر في منزله. أصبحنا نعيش في زمن يساهم فيه الجميع بتشكيل وتأهيل هذا الطفل؛ أصبح الإعلام منهلا تربويا مؤثرا، والترفيه مدخلا جديدا لثقافة الأطفال، ووسائل التواصل الاجتماعي تساهم بدورها في أخلاق الطفل وغيرها من مؤثرات فضاء هذا العالم الفسيح. هذا كله ليس تقليلا من دور المدرسة، ولكن لندرك أنها ليست المسؤولة الوحيدة في تربية ذلك الطفل. فكل من يعول على المدرسة ويتنصل من المسؤولية في تعليم وتربية هذا النشء نقول له: أعد النظر فالكل مسؤول.



إن طالت الإجازة المدرسية الصيفية فهذا لا يعني أن التعليم متوقف، فالطالب يتعلم من الأجهزة التي بين يديه أكثر مما يتعلمه من المدارس، ويتأثر من العالم الافتراضي أكثر من تأثير أهله وجميع المحيطين به، ويشاهد في سفره ما لا يستوعبه في المدارس، ويتعلم من خلال الممارسة ما لا يدركه في المناهج المدرسية، ويقرأ محادثات التواصل الاجتماعي أكثر من قراءته للكتب. نعم نحن في إجازة مدرسية طويلة ولكننا لسنا في إجازة تعليمية أبدا، ولذلك أصبح دور الأسرة حاليا أكثر أهمية في مواجهة هذه الكمية الهائلة من المؤثرات التربوية والتعليمية فطوبى لمن أدرك ذلك واستثمره فيما ينفع أبناءه.



قفلة: إن رؤية المملكة ورؤية أي أمة لن تتحقق إلا بالإنسان المؤهل، ولا تأهيل إلا بتعليم يتحمل مسؤوليته المجتمع بأكمله؛ بإعلامه، بوسائل ترفيهه، بمؤسساته الأهلية، وبجميع مؤسساته الحكومية لا وزارة واحدة فقط. فالتعليم وسيلتنا لأية غاية، فلذلك يجب أن يكون هو همنا وهاجسنا.



@RMRasheed