عبدالله المزهر

لهم حياتهم ولنا حياة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 23 يوليو 2017

Sun - 23 Jul 2017

تنامى إلى علمي أن مجموعة من أعضاء مجلس الشورى الموقر قد تقدموا بتوصية تطالب وزارة العدل بمنع زواج الفتيات دون سن الخامسة عشرة عاما، وفرض ضوابط لمن دون الثامنة عشرة، كموافقة الفتاة والأم.



والحقيقة أن هذه توصية العقلاء من بني البشر في هذه الدولة المباركة والمنتظر أن يكون لدينا يوما ما مجلس قادر على إقرار الأنظمة والقوانين، وليس مجرد التوصية التي يمكن أن يفعلها أي أحد دون حاجة لقبة ورئيس ومطرقة.



ولكن مع ذلك «فالجود من الموجود» كما يقال، وشكرا للأعضاء الذين تقدموا بهذه التوصية ـ إن صحت الأخبار ـ وهذه المعضلة أو المشكلة هي إحدى المشكلات الناتجة عن غياب «فقه الواقع» وإنزال أحكام كانت تصلح لأمم ومجتمعات سالفة على أمم ومجتمعات لاحقة.



وأذكر أني قلت سابقا في موضوع مشابه أنه لا يمكن التحجج بأقوال بعض الفقهاء في هذا الأمر لأنهم ليسوا بيننا الآن، ولو كانوا بيننا لغيروا بعض آرائهم، كثير من الأشياء تتغير لأنها ليست من ثوابت الدين. لكننا ابتلينا بأناس يحفظون ويرددون ويكرهون التفكير.



وقلت أيضا ـ لا فض كيبوردي ـ إن حل مثل هذه الإشكالات بيد الدولة وليس بيد غيرها. وأنه لفهم هذه الحقيقة السهلة يجب عليك أن تسأل: هل ستقبل مؤسسات الدولة ومحاكمها أن أشتري عشرين جارية لو وجدت من يبيعهن لي؟ مع أن أقوال الفقهاء كلهم تجيز لي مثل هذا الأمر.



وأظن أن فرض قانون خاص بسن الزواج لا يختلف كثيرا عن القانون الذي منع الرق واستعباد البشر لبعضهم البعض. فزواج القاصرات صفقة بيع وليس زواجا حقيقيا.



وعلى أي حال..

الحياة الآن تختلف، والمجتمعات تختلف، والتحجج بأن مجتمعات خلت كانت تزوج بناتها في سن أقل من الخامسة عشرة حجة واهية كسيحة، فتلك المجتمعات ذاتها كانت تفعل أشياء كثيرة لا نفعلها اليوم، لكنها كانت تلائم حياتها وبيئتها وظروفها، ثم إن الله قد من عليهم بفقهاء عظماء يفهمون واقع مجتمعاتهم وحقيقتها وما يصلح لها وما لا يصلح. ونسأل الله أن يرزقنا كما رزقهم، وأن يمن علينا بفقهاء يعيشون معنا، وليس في بطون الكتب.



@agrni