شاهر النهاري

فلسفة الثائر القطري

الاحد - 23 يوليو 2017

Sun - 23 Jul 2017

شب «حمد» بكنف والده شيخ الإمارة الصغيرة المسالمة، إبان نشوة العالم العربي بأحلام التقدم، وتخطي عصر الاستعمار، فكان جمال عبدالناصر رمزا ملهما له، وكانت الثورات العربية حافزا لطموحاته، فانقلب بداية على والده.



الناصرية في عزها، والضجيج التقدمي الاشتراكي، ومعاني القومية تشعل نفسه، والعروبية والبعث والإخوان تتنازع تلون عقيدته.



ويتولى حمد الحكم في بلده الصغير، على شعبه القليل، ولكنه يظل مهمشا مقارنة بزعماء الثورات صدام، وحافظ، ومعمر، فيحاول التقرب منهم، بعلاقات إعجاب خفية، رغم ما زاولوه في حقوق شعوبهم من سطوة، وتجهيل، وقهر، وحياة بوليسية مخابراتية، ومعتقلات، ومشانق.



ويفتعل المشاكل مع شعبه، ويطرد الكثير منهم لمجرد أن مضاربهم تقع على حدود دولة شقيقة كبرى، لطالما طمع في امتلاك قبلة المسلمين فيها.



وينتفض بأزمة صدام مع الكويت، ليتجلى بعدها نهجه الرافض المعاكس. وبأطماع السلطة المطلقة يبدأ بنشر الشر بالجوار، ولكنه يظل عاجزا عن الشعور بأنه كبير بالقدر الكافي، كما كان زعماء الثورات في بلدانهم، فيقوم باختلاق أوطانه الافتراضية، بتوقيت عاصمتها (مكة المكرمة)، ويجلب شعوبه المجنسين، ويصنع الأبواق الإعلامية المحترفة، ويرعى ويدعم خبث المارقين عن دولهم، ويزاول هواية دعم الأحزاب، والعنصريات.



وفي خطوة حيطة كان لا بد منها، يقوم بتأجير جزء من أرض دولته للقوات الأمريكية، ليلهيهم عن شروره، ويؤكد علاقاته التجارية مع مختلف الدول العظمى والفاعلة، بما في ذلك إسرائيل. ويستخدم أموال قطر وسيلة، وسلاحا لتأصيل حياة الجهاد العالمي الجديد، فيغرس في كل صدر خنجرا، ويوطن في كل فكر شيطانا.



وببسمته المخادعة يندس وسط جيرانه، في منظومة مجلس التعاون، (حصان طروادة) لتمكين أعدائهم منهم، فيتواصل مع معارضيهم، ويتبنى تمويلهم، وتدريبهم، ودعم الفتنة، ويعاقر معشر الشياطين، ويدبر مع القذافي عمليات اغتيال الزعامات، معتمدا على سماحة الجيران وكرمهم.



وتتصاعد سخونة مكائده لجيرانه، بعد أن أصبحت دولته الصغيرة محور الشر العربي، وملتقى الأحزاب المارقة، والجماعات الإرهابية، والعقول الإعلامية الرخيصة، المبدعة في طمس الحقائق، وادعاء الحرية الفكرية، والانزلاق بعقول الشعوب إلى الخيبات، والوهم.



ويبدو هنا أن نفسيته قد اكتسبت ثقة القدرة، والدهاء، وغدر الخنجر الخلفي. وتشتعل ثورات الربيع العربي، ويكون محركا لها بأمواله، ومن خلال علاقاته بالمجتمع الدولي، ومخططات أعوانه شذاذ الآفاق، ومشاركة بعض أقاربه من الإرهابيين، وكثير من الجنود المأجورين، منقلبا حتى على من تبقى من الزعماء الثوار، فيشارك بيديه في رميهم إلى مزابل التاريخ، ليبقى هو الزعيم المتفرد.



ويظل الثائر يخشى مصير ضحاياه، فيبني جسور العودة بعلاقات لزجة مريبة مع الفرس وغيرهم.



وجهه الضاحك أصبح علامة فارقة للتباين، وجميع جيرانه اكتشفوا خبث حيله، فيضطر للتضحية ببعض لذة الظهور، ويبدل قناع خياناته، بتسليم الحكم لابنه تميم، مع استمراره في الإمساك بحبال الدمية من خلف الستار.



طموحات أرعن، أوصلت خليجنا وعالمنا العربي لكارثة الأزمة الحالية، والتي لا يتوقف الثائر القطري عن ابتكار وضخ الشر فيها رغم مرضه، ويبدع في نفخ أبواقه الكاذبة الملونة.



تلك حكاية الثائر حمد، التي تستعصي حاليا على أي حل عقلاني، ولا بد لتلافي شرورها من استمرار القطيعة معه للحيطة، وعلى أمل انقلاب اللعبة على اللاعب (مجنون العظمة) ذاتيا.



Shaheralnahari@