عبدالله مداح.. رفقا بتاريخ طلال

السبت - 22 يوليو 2017

Sat - 22 Jul 2017

من لا يعشق صوت الأرض الراحل طلال مداح؟ ومن لا يغرم بصوت فنان العرب محمد عبده، كلاهما حفر اسمه على صخر الفن السعودي، وأعطى للأغنية السعودية هوية متميزة على خارطة الوطن العربي، وسافرت أغانيهما لأبعد مدى، وتخطت الحدود الجغرافية لتدخل قلوب المستمعين العرب دون تأشيرة، لأن الفن رسالة سامية لكل عاشق ومحب للسلام، وحملا على عاتقهما هذه الرسالة.

وقدما أجمل الصور الفنية لتراثنا السعودي الذي تشكل من واقع بيئتنا الاجتماعية المليئة بأجمل الألوان والمقامات المستمدة من كل مدن وقرى وهجر بلادنا، لا يمكن لعاشق لفنان العرب محمد عبده إلا أن يستمع لصوت الأرض طلال مداح، ولا يمكن لعاشق لصوت الأرض طلال مداح إلا أن يستمع لفنان العرب، وهذا ليس جديدا على المحبين والمتذوقين للفن الجميل.

ولكن ما يحدث من بعض المتعصبين من الجماهير غير مقبول بعدما وصل بهم الحال لحد التعصب غير المحمود، متناسين أن طلال ومحمد جمعت بينهما المحبة والتنافس الشريف على مدى أكثر من نصف قرن، وعندما يكون التعصب الفني من قلة محدودة من الجماهير المتشنجة قد نلتمس بعض الأعذار لأن هناك فئات من الجماهير تختلف في آرائها وميولها، يشكل الشباب المراهق منها النسبة العظمى، وللأسف لم يقدروا ذلك التنافس الشريف ما بين طلال ومحمد الذي نتج عنه تربع الأغنية السعودية وأخذها موقعها الصحيح على الخارطة الفنية العربية.

ولكن ما يحزن المتابع للساحة الفنية ذلك الفيديو المتداول على مواقع التواصل الذي يظهر فيه نجل الفنان الراحل طلال مداح «عبدالله» الذي أشعل ذلك التعصب ما بين جماهيرية طلال ومحمد دون وجه حق، واصفا محمد عبده بأنه فنان عادي ويقارن بأصوات فنانين آخرين يملكون نفس خامته الصوتية، ولا يمكن أن يقارن بصوت وفن مشوار والده طلال مداح، وأن ما يكتب عن محمد عبده في الصحف وما يقال في الفضائيات ليس إلا خزعبلات وكلام جرائد وتهريج قنوات!

وإن كنت تعلم فتلك مصيبة، وإن كنت لا تعلم فالمصيبة أكبر، وهو ظهور شخص مع عبدالله مداح في الفيديو يصف فنان العرب محمد عبده (بالحشرة)، شر البلية ما يضحك، ألهذا الحد يكون الاحترام والتنقيص من الرجال!

حقيقة تمنيت ألا يكون ذلك الفيديو بهذه الطريقة التي نالت من محمد عبده دون وجه حق ودون مراعاة للزمالة الفنية التي جمعت طلال ومحمد طيلة مشوارهما الفني الطويل، وإني على يقين لو كان طلال مداح بيننا الآن لما رضي بذلك، لأنه ذو خلق رفيع وتواضع غير مسبوق، يشهد له البعيد قبل القريب، وما حدث من عبدالله مداح ليس إلا إساءة لتاريخ والده الكبير الذي عشقته الجماهير العربية قبل السعودية.

لا يمكن لعاقل أن يقبل بهذه التصرفات المشينة، أو يأخذ طلال مداح بذنب نجله والمتعصبين، الراحل في ثراه يحتاج لدعوات صادقة وليس لمهاترات صبيانية يقترفها المتطفلون، رحل بجسده ولكنه حي في قلوبنا بصوته الملائكي وإحساسه المرهف.

ومن جهة أخرى محمد عبده لم يهتم بالقضية المفتعلة، ولربما لم يشاهد المقطع لأنه يؤمن بمدى علاقته وعشقه لطلال مداح الذي دائما ما يصفه بالأستاذ وعراب الأغنية السعودية، ويؤمن بأن المنافسة التي كانت بينهما كانت منافسة شريفة، الهدف منها الارتقاء بسمعة الفن السعودي، ويقيني لو أن محمد عبده أراد رفع قضية قانونية بمن وصفه (بالحشرة) لنال حقه شرعا بموجب المقطع المصور.

رسالة أخيرة لابن الراحل طلال: (كفاك عبثا بتاريخ والدك)، وعليك الاعتذار لفنان العرب الذي ادعيت أنك لا تعرفه، وإن كنت أجزم أنك حتى اللحظة تتابع أخباره، ولو أخفيت ما في قلبك، وليتك نهرت من كان مصاحبا لك في ذلك الفيديو بكف الأذى والإساءة لرفيق درب والدك، ولكن جعلت من ابتسامتك عنوانا مثيرا للجدل، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!

سيبقى صوت الأرض طلال مداح وفنان العرب محمد عبده عرابين للأغنية العربية مهما حاول ضعاف النفوس إشعال نيران الفتنة، فهذه النوعيات تعاني من فوبيا التعصب الأعمى، متجاهلين عمق العلاقة القديمة بين عملاقي الفن السعودي وما قدماه لنا من إبداعات خلال تلك السنوات الطوال يشكرون عليها كلما عاودنا الحنين لأصواتهما، فالمسافة قصيرة ما بين رائعة (وطني الحبيب) و(فوق هام السحب) ويشهد الوطن إنجازهما، والجنادرية خير شاهد عندما وقفا جنبا إلى جنب منشدين (مال أحد منة الله اللي عزنا مال أحد منا).

وكفاية يا جماهير التعصب هذه الغوغاء وارحمونا من هذه التجاوزات، وكفوا أياديكم عن هذا العبث غير المنطقي، وأخيرا تذكروا قوله تعالى الذي هدانا (ولا تزر وازرة وزر أخرى).

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال