مناشدة لتمديد مهلة المخالفين

الخميس - 20 يوليو 2017

Thu - 20 Jul 2017

يعيش المقيمون بيننا هذه الأيام وضعا لا يحسدون عليه، فهم يركضون من مكان لآخر في محاولة لتصحيح أوضاعهم وحل المعضلات التي تواجههم، خاصة ولم يتبق على انتهاء المهلة غير أيام قليلة فقط في حملة «وطن بلا مخالف» التي انطلقت في مارس الماضي.



وبالنسبة لكثير من الوافدين، فإن الخطأ ليس خطأهم إذا كانت إقاماتهم لم تجدد أو لم تصدر في الأساس، وفي هذا السياق فقد جاءني سائق سيارة أجرة وقال لي إنه قد دفع رسوم تجديد الإقامة وكل المتعلقات الأخرى لكفيله الذي لم يفعل شيئا حتى الآن، والمهلة توشك على الانتهاء وعليه أن يختار بين الخروج الطوعي الذي يعفيه من البصمة والعقوبات الأخرى ومنها السجن والغرامة، أو البقاء مخالفا ليتعرض إلى أقسى العقوبات على رأسها الترحيل والتبصيم حتى لا يعود إلى المملكة مرة أخرى. وقال هذا السائق إن الكفيل لم يهمل فقط تجديد إقامته، بل صار لا يرد على مكالماته الهاتفية.



وهناك فئة أخرى من الوافدين هم الأسوأ حالا من غيرهم، وهؤلاء هم الذين يعيش كفلاؤهم في مدن أخرى، وفي هذا الصدد قال لي وافد هندي إن كفيله يعيش في مدينة أخرى وقد طلب عشرة آلاف ريال لتجديد الإقامة. وعلى كل حال فقد انتهت قضية هذا الوافد فقد قبضت عليه الجوازات مؤخرا وأودعته أحد مراكز الترحيل في انتظار أن يغادر مغبونا إلى بلاده.



لقد دأبنا على إطلاق مثل هذه الحملات من آن لآخر ولعدة سنوات، ونحن نتحدث عنها كثيرا في صحفنا ووسائل إعلامنا، لكننا لم نحل جذور المشكلة وهي بيع تأشيرات العمل التي يتخذها بعض المواطنين سبيلا لكسب العيش، فهم يستقدمون العمال الأجانب ويطلقونهم في الشوارع ويفرضون عليهم أتاوات باهظة متى ما حان موعد تجديد الإقامة أو احتاج أحدهم إلى تأشيرة خروج وعودة.



رؤية المملكة 2030، التي ندعهما ونؤيدها، تهدف ضمن أشياء أخرى إلى محاربة الفساد، والمحسوبية، والبيروقراطية وهذا ما يستلزم مشاركة المجتمع بأسره في تنفيذ هذه الرؤية الطموحة التي ستنقل المملكة إلى آفاق أرحب وأبعد من التنمية والتطور.



وبالأسف، فإن وسائل إعلامنا المحلية قد فشلت في إيجاد الحلول لأزماتنا ومشاكلنا لأنها مشغولة بالإشادة والتقريظ بدلا من أن تكون جسرا موثوقا بين القيادة والشعب.



إنني أشعر بالأسى والأسف على آلاف الوافدين الذين وجدوا أنفسهم تحت رحمة كفلاء بلا قلب ولا ضمير ولا إنسانية. وقد شعرت بألم شديد عندما علمت من أحد العمال الآسيويين أن ابنته تدرس الطب في بلادها قد فقدت عامين من الدراسة لأن الكفيل لم يجدد الإقامة في وقتها، ولم يمكنه بالتالي من عمل تأشيرة الخروج والعودة لها وذلك لأنه طلب من هذا العامل مبلغا كبيرا لم يقدر عليه.



ولا أشك مطلقا أن وزير العمل والتنمية الاجتماعية يعمل ما في وسعه لمعالجة مثل هذه التظلمات، وأنه يقوم بتنظيف الوزارة من رواسب الماضي، لكن من الضروري أيضا أن يستمع جيدا لأصحاب المشكلة الحقيقيين، وإلى المواطنين الشرفاء الذين يحبون بلادهم ويبذلون الغالي والنفيس لتقدمها وتطورها بدون ادعاء لوطنية زائفة.



وبدلا من طرد هذه الآلاف المؤلفة من العاملين الوافدين والذين هم في معظمهم ضحايا لكفلاء طماعين، كان من الأفضل الإنصات إليهم وتنظيم بقائهم وذلك بعد اتخاذ الإجراءات الضرورية مثل البصمة الجنائية والكشف الطبي، وإذا أراد أي كفيل آخر الاستفادة من خدماتهم يمكن نقل إقامتهم عليه من خلال وكالة حكومية رسمية.



ومن اللافت أنه في الوقت الذي نقوم فيه بترحيل آلاف الوافدين، فإن لدينا ما بين 200 ألف و300 ألف تأشيرة عمل في الخارج لاستقدام بعض العمال!

وفي الأسبوع الماضي في الرياض، طلبت من سائق سيارة الأجرة أن يأخذني إلى الغرفة التجارية وعندما بدا واضحا أنه لا يعرف الطريق سألته كم بقي في السعودية، فقال إن له شهرا واحدا فقط في المملكة.



وقالت زوجتي، إننا قد قمنا بترحيل آلاف العمال الذين بقوا معنا سنوات طويلة ويعرفون بلادنا وتقاليدنا واستوردنا عمالا بدلهم يحتاجون إلى وقت طويل لمعرفة مدننا وطرقنا. وسألتني لماذا لم نستبق هؤلاء العمال، وقلت لها إن إجابتي على سؤالها ببساطة هي لا أدري!



وفي رأيي أن تجلس وزارتا العمل والداخلية مع الغرف التجارية وبعض المواطنين الشرفاء لحل هذا الموضوع ووضع حد نهائي له، فلا يعقل أن ترحل عاملا وتستورد بديلا عنه خلال بضعة أيام.



ومن هذا المنبر أناشد ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أن يأمر بتمديد المهلة للوافدين المخالفين لعدة شهور أخرى حتى يستطيعوا تسوية أوضاعهم، وحتى لا نتحمل ضغينة الأبرياء، فنحن مملكة الإنسانية وخدام الإسلام والمسلمين.. اللهم احفظ بلادنا وقادتنا من كل سوء.



[email protected]