دخيل سليمان المحمدي

دعوهم يختاروا رغباتهم

الأربعاء - 19 يوليو 2017

Wed - 19 Jul 2017

عندما يتخرج الطالب أو الطالبة في المرحلة الثانوية يستنفر جميع أفراد العائلة بآرائهم في اختيار التخصصات وكأنهم يبحثون عن عروسة أو عريس لابنهم أو ابنتهم، متناسين قدرات وكفاءات أبنائهم، ليبدأ البحث عن قبولهم في إحدى الكليات الجامعية، متناسين الشرط والمقياس الوحيد الذي يمثل ابنهم أمام تلك الجامعة وكلياتها.

هناك كثيرون للأسف الشديد لا يعلمون عن ميول أبنائهم وقدراتهم واستعداداتهم، تجدهم يصرون على ابنهم بالدراسة في إحدى الكليات الطبية أو الهندسية وحتى وإن علموا بميول ابنهم وقدراته يتجاهلونها ولا يراعون الإمكانات الذهنية لابنهم نتيجة الفكر الخاطئ بالبحث عن المكانة الاجتماعية التي حددوها فقط بتلك التخصصات، لا يعلمون أن ابنهم الذي سيستسلم لرغباتهم وإصرارهم دون الميول إليها سيحصد الإخفاق والفشل وسيواجه صعوبات كبيرة في مستقبله الدراسي، وربما حتى وإن حقق النجاح في سنواته الدراسية بالجامعة فلن ينسجم مع طبيعة عمله وتخصصه في حياته العملية. هناك الكثير غير راض عن نتائج اختبار القدرات والتحصيلي والتي أعطتها الجامعات نسبة أكثر من النصف في احتساب النسبة الموزونة للقبول فهي اعتبرتها مقياسا ممتازا للطالب أو الطالبة، وذلك لتقليص الأعداد الكبيرة التي تتخرج بمعدلات الامتياز في الثانويات الخاصة وثانويات القرى، حيث يتقدم طلابها منتشين على حجز مقاعد في كليات الطب لمدة ترم أو ترمين ومن ثم يتضح لهم قدراتهم العلمية ويطلبون التحويل إلى كليات أخرى، مما يحرم بعضا من الطلاب المجتهدين حق دخول هذا التخصص عند الفرز حسب المعدلات والنسب.

فعلى ولي الأمر وابنه الطالب أو الطالبة أن يجعلا للرغبة مجالا في اختيار التخصص دون التأثير الخارجي من غيرهم. حيث إن القدرة الذهنية والعلمية والجسمية والنفسية على دراسة التخصص المختار من أهم القوائم والأساسيات في ذلك، وأن يعلم بأن تخصص الطب أو الهندسة ليس وجاهة أو مكانة اجتماعية، فكل تخصص له عمله ونجاحاته، وأيضا عليهم الابتعاد عن هاجس عدم الحصول على الوظيفة فلكل مجتهد وناجح نصيب، وعلى ولي الأمر أن لا يفرض على ابنه أو ابنته دراسة تخصص لا يحبه ولا يرغب فيه، فالإكراه على ذلك وقسره عليه إفساد لمواهبه وتحطيم لقدراته، فإن الله تعالى خلق الناس على أطباع شتى وميول مختلفة، وجعل كل واحد ميسرا لما خلق له، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل واحد ميسر لما خلق له. فمجتمعنا يلعب دورا كبيرا أيضا في عملية توجيه الأبناء، حيث الصورة الغالبة اليوم هي أن النجاح فقط في دراسة الطب أو الهندسة وغيرهما دون ذلك، هناك الكثير ممن درسوا العلوم الإنسانية وتفوقوا وتميزوا بقيادة جامعات مرموقة، وهناك من تعبوا في دراسة الطب أو الهندسة لكنهم لا ينتمون إلى تلك النخبة المبدعة بل هم أناس روتينيون يقومون بعملهم وكفى.

أيها الآباء لا تكرهوا وتجبروا أبناءكم على تخصصات لا يرغبونها، فدعوهم يختاروا ما يريدون، فالطالب إذا رغب وأحب التخصص أبدع ونجح وتميز، فالمتميز دوما يصل إلى مراكز لا يصلها غيره. فاعلموا يقينا أن النجاح في الحياة أوسع بكثير من معدل في الثانوية أو دراسة تخصص معين. وأتمنى قصر النظر على رغبة الطالب نفسه دون الالتفات لنظرات ورغبات الآخرين، حيث إنها قضيته ورغبته، وعلى الطالب أن يستمع لنداءاته الذاتية، ولا ينس صلاة الاستخارة.