إسماعيل محمد التركستاني

الرعاية الصحية ومفهوم المحتوى المحلي

الأربعاء - 19 يوليو 2017

Wed - 19 Jul 2017

تعتبر الرعاية الصحية واحدة من العناصر الهامة في خطة التحول 2020 إلى جانب رؤية 2030، وذلك لما هو معروف عن حجم الإنفاق الكبير على الخدمات الصحية، حيث إنه من الملاحظ، وفي خلال السنوات الماضية، الارتفاع الكبير في الإنفاق الحكومي على ميزانية الخدمات الصحية.

طبعا، هذا الإنفاق الكبير، تم صرفه في العديد من المشاريع الصحية مثل: مشاريع تحسين الأداء الطبي، دعم الرعاية الوقائية وتعزيز الصحة، تحسين الأداء الإداري وتقنية المعلومات الصحية إلى جانب المشاريع الإنشائية (بناء البنية التحتية مثل المستشفيات والمراكز الصحية). أيضا، لا بد أن نشير إلى الصرف الكبير على الخدمات الصحية المقدمة خلال مواسم الحج سواء كان ذلك في المشاعر المقدسة أو مكة والمدينة. نعم، نستطيع القول إن القائمين على مختلف تلك الخدمات الصحية من القيادات الصحية بوزارة الصحة إلى جانب العاملين بمختلف المنشآت الصحية مثل المستشفيات والمراكز الصحية بمختلف المناطق، كانت لديهم خطة استراتيجية واضحة المعالم والتي تتمثل في رؤية العمل الصحي المتكامل في الوصول إلى تقديم رعاية صحية متكاملة وشاملة حسب معايير متعارف عليها، وكانت من النتائج المبهرة الارتفاع الإيجابي للمؤشر العام لصحة المجتمع (ولا يختلف في ذلك اثنان).

وبناء على خطة التحول والرؤية، أصبحت هناك مفاهيم ومفردات جديدة وخطط استراتيجية، وذلك مثل الخدمات المبنية على الحجم أو الخدمات المبنية على القيمة، مشاركة القطاع الصحي الخاص والمتمثل في الخصخصة والتأمين الصحي. ومؤخرا، قرأنا عن إنشاء شركة قابضة تكون ملكيتها تابعة لوزارة الصحة والتحول التدريجي في التشغيل الذاتي لجميع مستشفيات وزارة الصحة ومراكزها الصحية. نعم، كل تلك المفردات والمفاهيم تسعى إلى الاستفادة الكبيرة من تلك الميزانيات الضخمة التي تنفقها الدولة، بحيث تكون الاستفادة منها بأفضل الصور الممكنة، وذلك لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه الخدمات الصحية، وذلك مثل: الزيادة السكانية، زيادة الأمراض المزمنة (ارتفاع سكر الدم، الضغط، الفشل الكلوي)، زيادة المصابين بأمراض القلب والسرطان إلى جانب الزيادة المحتملة في الإنفاق على الأدوية والمحاليل الطبية. إذن، وبناء على ما سبق، كان من الضروري إحداث مثل تلك النقلة النوعية الجديدة في مفهوم تقديم الخدمات والرعاية الصحية والتي كما قلنا يمكن من خلالها الاستفادة المثلى من تلك المصروفات الكبيرة في الخدمات الصحية، إلى جانب الارتقاء بمستوى وجودة الخدمات الصحية المقدمة وفوائد أخرى مثل: الحد من الهدر المالي الكبير في مناقصات الرعاية الصحية، وتعزيز وتنظيم البرامج المختلفة للخدمات الصحية (مثل الضمان الصحي)، ورفع مستوى التنافس في تقديم أفضل الخدمات الصحية بين مختلف المنشآت الصحية.. وغيرها من الأمور الإيجابية.

باختصار.. لا بد أن ندرك، أنه ومن ضمن التوجه الجديد في تقديم الرعاية الصحية، من الضروري صياغة الخطط الاستراتيجية الصحية السابقة التي تم العمل عليها بما يتناسب مع أهداف وطموح وزارة الصحة الحالية، حيث إن اعتماد مختلف صور الرعاية الصحية، على مفهوم الخدمات الصحية المبنية على القيمة بدلا من الحجم في الخدمات الصحية، سوف يساهم في التحكم بقيمة النقد مقابل الخدمات التي يتم تنفيذها. وهذه الصورة (أو الإطار) يكون في صورة الاستثمار الصحي والذي يتلاءم أو ينسجم مع طبيعة المفهوم الثقافي الصحي لدى المواطن.