أحمد الهلالي

توحيد العمل الخيري داخليا وخارجيا!

الثلاثاء - 18 يوليو 2017

Tue - 18 Jul 2017

تسعى الدولة وكل دول العالم من وقت بعيد إلى تجفيف منابع الإرهاب ثقافيا واقتصاديا وإعلاميا، ولعل عبارة (تجفيف منابع الإرهاب) مناسبة تماما لتمثل هذا المعنى في الشق الاقتصادي، وسعي الحكومات حثيث في هذا الاتجاه، وصل إلى محاسبة دول على دعمها المالي والإعلامي للإرهاب والعنف في الشرق الأوسط، كما يحدث الآن مع حكومة قطر.



ليست التنظيمات الإرهابية كيانات مستقرة لتقيم مشاريع تنموية تدر عليها الأموال اللازمة لشراء الأسلحة والصرف على مقاتليها، لذلك فأهم مصادر تمويلها تتم عبر قنوات مختلفة، منها الأجهزة الاستخبارية التي تستخدم هذه التنظيمات لتنفيذ أجندتها تجاه دول أخرى، وقد تردد هذا كثيرا حول التنظيم المنهار (داعش)، ومنها الاتجار بالمخدرات كما فعلت القاعدة وطالبان في أفغانستان، وإيران وحزب الله اللبناني، وتهريبها إلى مجتمعات الرخاء الاقتصادي كدول الخليج وغيرها، ومنها قناة (التبرعات الخيرية) وهي القناة التي تتغيا المقالة الحديث عنها.



التبرعات الخيرية ناشطة في المملكة كمجتمع محافظ تربى على البذل بفعل العاطفة الدينية وحب الخير وأدبيات النخوة في الذات العربية، وهذا البذل رأيناه في الكثير من المواقف التي يتسابق فيها الناس إلى تقديم أموالهم ومدخراتهم إغاثة ونصرة لأشقائهم حول العالم، لكن الحال تغير بعد 11 سبتمبر حين نظمت الدولة هذا القطاع، وقننت القنوات التي تضخ عبرها التبرعات، لكن الأمر بحاجة إلى تقنين أكثر.



يحتال جامعو الأموال بالعديد من الطرق لاستقبال التبرعات والصدقات، ويفتحون حسابات خارج المملكة تستقبل الأموال، ناهيك عن الجمع بحجة حفر الآبار والأعمال الإغاثية في بلدان العالم المختلفة، غير الأموال التي تجمع بطرق مباشرة (مناولة) إلى يد الجامع، ولا يعلم الناس أين تذهب الأموال، خاصة أن الحالات المتكشفة تخبر بأنها احتيالات.



ناهيك عن سماسرة جمع الأموال من الموسرين للجمعيات الخيرية، الذين يشترطون نسبا معلومة من المبالغ بعد أن تدخل الأموال حسابات الجمعية إثباتا للمتبرع، ولا أدري حقيقة بما يخفى من طرق واحتيالات يبتكرها ضعاف النفوس وداعمو الحركات الإرهابية، حتى جعلت التبرع في وجوه الخير مشبوها.



مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية هو الحل ـ في نظري ـ لاستقبال جميع أنواع التبرعات والصدقات والهبات المالية؛ لأنه الجهة الموثوقة التي يطمئن المتبرع إلى أن تبرعه سيصل إلى العمل الخيري الذي تغياه بتبرعه، ومن هناك يستطيع المركز توزيع التبرعات على جمعيات العمل الخيري في الداخل، وإلى شركائه الموثوقين في الخارج عبر قنواته المأمونة.



ولذا فإني أرى أن تنقل تبعية كل الجمعيات الخيرية من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى مركز الملك سلمان، وألا يسمح لها باستقبال التبرعات إلا عن طريق المركز، إذ يصرف لها ميزانيات محددة بعدد المستفيدين الفعليين والبرامج المقدمة فعليا وما يتبع ذلك من شؤون المحاسبات القانونية، وهذا ليس اتهاما للجمعيات، لكن للقضاء على سماسرة التبرعات، وإغلاق جميع نوافذ جمع التبرعات بزعم الأعمال الإنسانية في الداخل والخارج، حتى يكون التجفيف فاعلا، والله من وراء القصد.



ahmad_helali@