عزيزتي البائعة.. أنت من ينتقص من عملك

السبت - 15 يوليو 2017

Sat - 15 Jul 2017

في إحدى الدول الغربية ذهب مندوب لبيع منظفات للأحذية لسائح عربي لترويج المنتج. ولإثبات جودة المنتج طلب المندوب أن ينظف حذاء الرجل. فقام العربي بحسن نية بخلع حذائه وإعطائه للمندوب حتى لا ينحني المندوب تحت قدميه احتراما له. غير أن المندوب غضب كثيرا، وطلب بلهجه صارمة أن ينتعل الرجل حذاءه ليقوم المندوب بتنظيفه وهو في قدمه مبررا بأن هذا عمله، مقدما درسا عظيما في احترام الشخص لمهنته، وفارضا على الغير احترامها أيضا. هذا المندوب يتعامل مع عمله بمنتهى الاحترافية. فهو مثلا لا يهمل منظره تحت عذر أنه سينظف الأحذية، فتجده يرتدي قميصا مهندما وبنطلونا منسقا وكأنه أستاذ جامعي. ولا يجلس على الأرض عند قدمي الزبون دون وضع كرسي صغير منخفض تحته احتراما لذاته ولعمله.

وبالرغم من أن البعض قد ينظر لوظيفة مندوب مبيعات منظفات الأحذية بدونية، إلا أن المندوب لا يرى ذلك، في حين أن لدينا هنا وظائف مقبولة اجتماعيا ولا ينظر لها بدونية، إلا أن ممارسيها هم من يفرضون على المجتمع الانتقاص منها. من هذه المهن بائعات محلات التجزئة والمستلزمات النسائية، تظن البائعة أنها «مجرد بائعة» ترص المنتجات على الأرفف، لذا تجدها لا تتعامل مع وظيفتها بمهنية، فهي في نهاية المطاف «بائعة». فتجدها على سبيل المثال تعامل الزبائن بدونية و»نفسنة» ظننا بأنها بهذا الأسلوب تفرض شخصيتها، غير أن هذا الأسلوب يجعل الزبون يبادلها «النفسنة» فتظن بأن الناس يزدرونها لعملها. وإن صادفت إحدى معارفها تتبضع في المحل تعتذر وتبرر وظيفتها بأنها موقتة حتى تجد عملا أفضل، وكأن عملها يدعو للخجل. وتأكل أثناء الدوام والزبون يبحث في المحل عن أحد ليساعده فتأتي له تمسح آثار الفلافل والفول بمنديل أمامه. وينتظرها الزبون أمام الكاشير حتى تنتهي من العبث بجوالها أو إتمام قصتها لزميلاتها عن جمعة جارتها لتقوم بمحاسبته. كل هذه الأمثلة والكثير غيرها لا تدل إلا على تعامل بعض البائعات بشكل غير مهني مع وظائفهن. لذا يا عزيزتي البائعة.. أنت من ينتقص من عملك.

يا عزيزتي البائعة، إن عملك عمل شريف لا ينتقص منك، بل بالعكس هو سبب لتطوير ذاتك وتعلم مهارات جديدة وإشغال وقتك بشيء يفيدك عمليا وماديا. لذا أنت غير مدينة للغير بتبريره.

يا عزيزتي البائعة، عملك في محلات البيع يعطيك أجود دورة تدريبية عملية في التعامل مع الغير لتعاملك اليومي مع الجمهور بكافة طبقاته وأنواعه، وهي مهارة أجدها المفتاح الأساسي للنجاح في الحياة العملية بوجه عام إن تم إتقانها. لذا لا تفرطي بتطويرها وتدريبها كل يوم حتى تفتح لك فرصا عظيمة في الحياة.

يا عزيزتي البائعة، عملك كبائعة في المحلات لا يقتصر على رص المنتجات على الأرفف أو كي الملابس، بل هو فرصة تقدم لك على طبق من ذهب لإطلاق رائدة الأعمال التي بداخلك. فعملك في قطاع التجزئة يجعلك على اطلاع مباشر بكيفية إدارة المحلات، وإدارة الحسابات، ومعرفة البضائع التي تجد رواجا عند الزبائن أكثر من غيرها.. إلخ. وكثير من رجال الأعمال اليوم عملوا بالأمس موظفين عند تجار في نفس مجال عملهم، لتعلم التفاصيل الدقيقة في ريادة الأعمال التي قد لا تقدمها بهذه الطريقة العملية كثير من الجامعات.

يا عزيزتي البائعة، انظري لعملك باحترام، وعاملي الناس على هذا الأساس، حتى تكتسب وظيفتك احترام الغير، فكثير من الوظائف اكتسبت احترام المجتمع بسبب حرفية تعامل ممارسيها، منها على سبيل المثال مضيفة الطيران، مصففة الشعر، وحتى زملائك الرجال ممن يمارسون نفس وظيفتك بالبيع للعامة.

يا عزيزتي البائعة، أنت فخر لنا جميعا كنساء لإثبات أن المرأة قادرة على العمل مثلها مثل الرجل في شتي المجالات، لذا يا عزيزتي البائعة لا تكوني أنت من ينتقص من عملك!