ناصر عليان الخياري

الضعف الإنساني في المرض والجانب المشرق

السبت - 15 يوليو 2017

Sat - 15 Jul 2017

صحة الإنسان هي أغلى ما يمتلك، وهي التاج الذي لا يراه فوق الرؤوس غير المرضى، والمرض هو العدو الأزلي للإنسان، ولا شيء يضع الإنسان في موضع الضعف أكثر مما يفعله به المرض. في تجليات المرض، وفي سطوة الألم، واعتلال الجسد، يجد الإنسان نفسه في دائرة جديدة ضيقة، إنها دائرة الضعف الإنساني!

تحول القوة إلى ضعف، والجبروت إلى هدنة، والطاقة إلى فراغ، والنشاط إلى فتور، المرض معاناة لا يدركها إلا من دخل معتركها، أو منحه الله نعمة التفكر والتبصر والتدبر بما يراه!

ليس المريض وحده من يعاني، بل المقربون منه يعانون كذلك، يعانون الضعف الإنساني في أبعاده الأخرى، يعانون الضعف في بعده كحالة عجز أن ترى من تحب يتلوى من الألم، وأنت لا تمتلك حيلة! تراه كذلك وتشعر بالعجز لأنه لا يمكنك معالجته في أرقى المستشفيات بالداخل أو بالخارج. تشعر بالعجز لأنك إنسان لا تقوى على قهر المرض، أو القضاء عليه لينجو حبيبك من مرضه ويعود إلى عنفوان حياته بزهو الصحة والعافية.

من هنا يظل الإنسان أسيرا لحالة الضعف الإنساني تحيط به من كل جانب، ويظل المرض أسوأ ما يمثل تلك الحالة ويفضحها.

لكن للمرض جانبا مشرقا، فهو أحد أسباب الرفعة في الآخرة في رحلة الحياة المنتهية حتما بالموت، فالصابرون جزاؤهم الجنة، ولا شك أن الصبر على المرض من أعظم درجات الصبر التي وعد الله بها عباده بعظيم الجزاء، فعن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول «لا يمرض مؤمن ولا مؤمنة ولا مسلم ولا مسلمة إلا حط الله عز وجل عنه بها خطاياه».

كما أن رعاية المريض والاعتناء به، تجود بها النفوس الكريمة، ولما يترتب عليها من متاعب، فقد ضاعف الله أجر من يقوم بها، حتى إن عيادة المريض من الأعمال العظيمة التي يؤجر عليها الإنسان لما تتضمنه من معان إنسانية سامية، حيث التكاتف الاجتماعي، ولما فيها من رفع لمعنويات المريض ومؤازرة له في ضعفه، فالإنسان يحتاج دوما إلى من يشد من أزره ويعضده في مختلف الأحوال فما بالنا في حال المرض.

المرض قدر من الأقدار، ولا شك أن الإنسان لا يمتلك خيارا في صنع أقداره المفروضة عليه كالمرض، لكن ورد في الحديث أن الدعاء يرد القدر، وأن الصدقة كما أنها تطفئ غضب الرب فهي دواء للمرضى.