إكرام وضيافة المجرمين!

السبت - 15 يوليو 2017

Sat - 15 Jul 2017

منذ عهود قديمة عرف الكرم والضيافة للناس، وكانت هذه الخصلة النبيلة من عادات العرب قديما في زمن الجاهلية، فكانوا يتنافسون في إكرام الضيف واستقباله وتقديم الواجب له، على اعتبار أن ذلك كان آنذاك مدعاة للفخر والتعالي بين القبائل، وكانت هناك بيوت مشهورة بالكرم، حتى إن النار في بيوت هؤلاء القوم كانت لا تطفأ أبدا، مما يدل على شدة كرمهم وعطائهم السخي، حتى ولو على حساب أنفسهم وأبنائهم، مع فقرهم وحاجتهم. وثمة قصص على ذلك لست هنا بصدد ذكرها وحصرها، وليس هذا مجالها، وإنما سأكتفي بذكر قصة كريم الشمال حاتم الطائي حينما قدم فرسه الغالية لإكرام جارته وصبيانها.

والعجيب أنه لم يأكل منها شيئا.

ولما أشرقت شمس النبوة وظهر نور الإسلام نهى وحذر القرآن العظيم في آيات عدة من البخل والتعامل به، فقال الله تعالى «الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله، واعتدنا للكافرين عذابا مهينا» النساء: 37. وحث النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث على الكرم والتحلي به، وعزز هذه الخصلة النبيلة، وجعل هدف ذلك أخرويا، فهو يكرم الضيف من أجل أنه دين وعبادة يرجو بها العبد حصول الأجر في الدار الآخرة، فقال صلوات الله وسلامه عليه «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه»، متفق عليه. وهو أعظم كريم عرفه التاريخ مطلقا، صلى الله عليه وسلم. فكرم النبي صلى الله عليه وسلم ليس مثله كرم، وضيافته لا تعادلها ضيافة. ويتجلى كرم المصطفى في مواقف كثيرة تعج بها كتب السنة والسير، التي يعجز عن حصرها المتتبع، ويحير في تصورها المتصور.

ومن هذه المواقف التي تدل على كرم المصطفى أنه جاءه رجل يريد أن يدخل في الدين، فأهداه النبي صلى الله عليه وسلم غنما بين جبلين. فرجع الرجل إلى قومه وهو يقول: أسلموا يا قوم، فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة. (أخرجه مسلم).

والعجيب أن هناك فئات من المجتمع لئيمة استخدمت هذه الخصلة الشريفة وحولتها إلى خصلة ذميمة، فتواطأت على إكرام المجرمين والإرهابيين وضيافتهم باسم الدين والوطن ونصرة المسلمين ومراعاة مصالح دول الجوار!

فهؤلاء لا يمثلون إلا فكرهم الفاسد المتعفن، وقلوبهم التي ملئت كمدا وغيظا، ومواقفهم التي هي ضد مصالح الأمة الإسلامية أكبر دليل على ذلك.