القاعدة 4 .. تراجع سطرا للوراء

الجمعة - 14 يوليو 2017

Fri - 14 Jul 2017

العنوان هو اقتباس من كتاب (ضغوط الحياة خيار) لمؤلفه ديفيد زيرفوس، وهي القاعدة الرابعة من ضمن قواعد عشر تقول هذه القاعدة «تقدم للأمام عن طريق العودة للخلف»، هذه عبارة فلسفية عميقة المعنى غنية المحتوى، ظاهرها مستفز ولكن معناها أبعد من تفسيرها اللغوي، فهي تعني التعلم من أخطاء الماضي لفهم الحياة المستقبلية، ولذلك يقول وينسون تشرشل «بقدر ما تنظر إلى الخلف تستطيع أن ترى أمامك»، وتنظر أي تتأمل فيما مضى على سبيل العبرة.

والعودة سطرا للوراء لا تعني الإقصاء والتجريد من كل تميز وإبداع، ولا تشرعن التهميش الأبدي. قد تكون هذه العودة نتيجة تزاحم أسطر أخرى أو انزلاق ريشة القلم الإبداعي تحت سطر القراءة. هذا الحيف في إصدار الأحكام المبيتة مسبقا وكأنها معلبة لهذه العودة ومتحينة لهذه الهفوة من باب إحلال البديل الجاهز، وربما كان رداؤه مفصلا سلفا، وحمده مسجلا مسبقا على صفحات الوهم، لنيل استحقاق مزيف علنا، معنون بميل عاطفي فاضح، سواء سلبا تجاه من انحرف خطوة، أو إيجابا لمن ضل طريق النجاح عنوة. هو سقوط مشين في وحل العبث المهني، وتمرغ في مستنقع الفساد مهين، وخيانة عظمى لأمانة أوكلت لغير أهلها، فهي طامة كبرى يتجلى فيها الظلم عيبا يكشف سوأة الظالم ويخبر بمكنونات ذاته المريضة، ويعلن مخططاته النتنة وأهدافه الرخيصة بدعوى إعادة هيكلة العمل بآليات جديدة.

مما يجعل بيئة العمل طاردة لكل كفاءة مستقطبة كل عالة معيارها في ذلك المحسوبية وتتخذ من الاتكالية ميزانا صائبا، فيصبح بناؤها هشا بمباركة من كانت وظيفته أكبر بكثير من إمكاناته، ولا غرو فوصوله على ذات الجسر الذي انتهجه كخارطة طريق لسياسته الفقيرة والمدمر يبدد كل حيرة من التخبط التنظيمي، كون فاقد الشيء لا يعطيه.

فانعدام الثقة الشخصية مع تدني مستوى المهنية، وشح مصادر الكفاءة، وفقر مقومات الإبداع لدى من تحمل المسؤولية تؤدي حتما إلى انحراف بوصلة التفكير لديه، وتخلق عالم الأوهام والشكوك والخوف على منصب يرى هو نفسه عدم أحقيته له، لعدم أهليته، مما يجعل تنامي خوفه من كل مبدع حقيقة راسخة في ذهنيته الوثوقية، كونه مصدر تهديد، فيعمل على استبداله بمن هم على هامش الحياة ليصبحوا السطر الأول في ملحمة الفشل، ويتعاظم الأمر إذا كتب مقدمة هذه الرواية المسؤول الأكبر، هنا تكون المباركة رسمية والأوسمة شرعية.

ويبقى السؤال: هل هذا المسؤول الأكبر هو انعكاس لذات مسؤوله الأصغر، أم إنها ذات السياسة ممنهجة لهدف قد يخفى أو يظهر؟

استعصى على فكري الجواب فوضعت نقطة على السطر لكيلا يكون بعدها سطر يمكن التراجع إليه.