شاهر النهاري

أغوار لغة جسد ترمب

الاحد - 09 يوليو 2017

Sun - 09 Jul 2017

لغة الجسد هي صنعة الخبراء النفسيين لتأكيد أو نفي التطابق بين حركات جسد الإنسان وجوهره، ومن أهم الأمثلة، التي يتم تتبعها وتحليلها في يومنا الحالي لغة جسد الرئيس الأمريكي ترمب أثناء لقاءاته مع زعماء وسياسيي الدول المختلفة.



وقد يكون سبب الاهتمام بلغة جسده هو غرابة شخصية الرئيس ترمب، وحضوره للسياسة من بابها الخلفي، حيث عاش أغلب سنوات عمره (71 سنة)، تاجرا حرا في تصرفاته الخاصة، والتي قد لا تؤثر على المجتمع الدولي مثلما تفعله تصرفاته اليوم.



وكانت آخر هذه القراءات للغة جسده أثناء مقابلة مع الرئيس الروسي بوتين، في قمة العشرين بهامبورج، حيث حاوره بابتسام، ومد له يده منبسطة الكف إلى الأعلى، مما يعني منتهى الوضوح، والرغبة الصادقة في علاقة متينة صادقة، بينما كانت يد الرئيس الروسي مترددة، ومقلوبة الكف، لتعطي شعورا بالخوف، والشك، والرغبة في السيطرة.



وكان الحديث بينهما متعمقا، وطويلا، وظلت نظرات ترمب تستدعي الفضول لمعرفة المزيد عن هذا الرجل المقابل، وعن معطياته، بينما كانت لغة جسد بوتين تعطي صورة التحفظ والحرص وقلة الثقة.



وكان ترمب قد أظهر في عدة مقابلات سابقة لسياسيين آخرين معاني لغة جسد مختلفة حسب حالته النفسية، وتوجهه، مما كان يثير التكهنات، فلغة جسده مع ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان بالبيت الأبيض كانت منبسطة، ودودة، تتجلى من كيفية جلوس ترمب بجانبه، ونظرته، وابتسامته، ومصافحته، والتي كانت تعطي نوعا من الانفتاح والترحيب، وبشكل مناقض كليا عن جلسته بجانب الرئيس التركي إرودغان، حيث ظل ترمب خلالها عاقدا أصابع كفيه، منحني الظهر للأمام أثناء جلسته، مبديا الملل.



وقد كانت أوضح الصور للغة جسد ترمب ما حصل أثناء لقائه بالمستشارة الألمانية (ميركل)، حيث أبرز خلاله دلالات التنافر والبرود من جانبه، فلم يكن ينظر نحوها باهتمام ولا ترحيب، ورفض مصافحتها أمام الصحفيين بنهاية اللقاء.



وقد أبدى خلال لقائه برئيسة وزراء بريطانيا «تيريزا ماي»، ما عكس قوة شخصيتها وشعورها بالفخر بنتاج استقلالية دولتها عن الاتحاد الأوروبي، بينما ظهر ترمب مبتسما وتاركا بينهما مسافة تدل على قمة الاحترام.



وقد لا يكون الرئيس ترمب ممن أخذوا تدريبات مخصصة على لغة الجسد، ولكنه لم يكن بعيدا عن ذلك المجال من خلال دراسته في مجال الاقتصاد، والذي يحتاج لسلوك حريص في التعامل الجسدي مع «الشاري والبائع»، كما أنه كان مهتما وراعيا لرياضة المصارعة الحرة العالمية، والتي تعتمد على التمثيل، وعلى لغة الجسد كثيرا.



وفي عام 2003، أصبح ترمب المنتج التنفيذي والمضيف في برنامج المشاهد الحقيقية، (المدير)، حيث يتنافس المتسابقون من المشاهير على نيل منصب المدير لإحدى مؤسساته التجارية، وقد كان يبهر المشاهدين بلغة جسده، وينهي حلقاته بالكلمة المؤلمة «أنت مطرود».



برنامج يعتمد كثيرا على مراقبة نفسيات وسكنات المتسابقين، ومعرفة لغة أجسادهم، ليتمكن من الحكم بدقة وعدالة على من يكون، ومن لا يكون.



الرئيس ترمب من وجهة نظري، يعرف كثيرا عن جسده وأجساد الآخرين، ويتعمد بعض التصرفات، مثل عقد سبابته وإبهامه لتأكيد وعيه الكامل بما يقول، وهو يتعامل مع زعماء الدول المختلفة بنفس طريقة برنامجه بالتمكين، أو الطرد.