عبدالله العولقي

حضارتنا الحديثة

السبت - 08 يوليو 2017

Sat - 08 Jul 2017

تقوم الحضارة الإنسانية على عدة مقومات ترتكز عليها، ومن أهم هذه المقومات الدين الذي يدين به شعب الحضارة، ويعتبر الدين من أهم مرتكزات أي حضارة، فلا حضارة بدون دين، وعمق الحضارة يرتبط بمدى تغلغل وتجذر مفاهيم وطقوس وشعائر الديانة في نفوس الشعب، وقد رأينا في آثار ونقوش الحضارة الفرعونية القديمة أن الدين يمثل النسبة العليا من اهتمام شعب هذه الحضارة العتيقة، ونفس الشيء يقال عن حضارة الآشوريين و الكنعانيين في العراق، والسريانيين والكنعانيين في بلاد الشام، والسبئيين والحميريين في اليمن، والحضارم في شبوة، والمملكة العربية السعودية تعيش اليوم أوج حضارتها الأصيلة، حيث تتأسس على الدين الإسلامي الحنيف وعلى رسالة خاتم وخير الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.

لا يعتبر مقوم الدين الإسلامي في الحضارة السعودية هو مدى تعلق الشعب السعودي بدينهم الإسلامي الحنيف وإقامتهم لشعائره وطقوسه فحسب، بل يتوج هذا المقوم بهدية إلهية ومنحة ربانية لهذه الحضارة الحديثة بأن وهبها أرض المسجد الحرام ومسجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقبره الكريم على أراضي هذه الدولة المباركة، ومن هنا يكتسب مقوم الدين أبعادا روحانية عظيمة في نفوس أكثر من مليار مسلم على وجه الأرض يولون وجوههم في صلواتهم تجاه هذه البلاد المباركة الطيبة.

كما تقاس الحضارة وتتأسس أيضا على المبدأ الاقتصادي، فعلى قدر الرفاهية الاقتصادية التي يعيشها أفراد الشعب ومدى تمتعهم بقدر كبير من كريم العيش تقاس الأمم بمقدار وصولها إلى الأوج الحضاري، وقد أكرم الله عز وجل بلادنا المملكة العربية السعودية ومنذ بداية تأسيسها على يد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، بنعمة الذهب الأسود (البترول)، الذي دفع بالبلاد خلال العقود السابقة أشواطا متقدمة من التقدم الحضاري والرفاهية الكريمة للشعب.

واليوم، ومن خلال رؤية المملكة 2030، تسعى الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، إلى تنويع مصادر الدخل للدولة، وعدم الاكتفاء والاتكال على ثروة النفط، وهذا من بعد النظر والعبقرية الاستراتيجية التي تتمتع بها القيادة في بلادنا العظيمة.

كما تتأسس الحضارات أيضا على مقوم العلوم والمعارف، وكفى بلادنا فخرا انعدام الأمية فيها، واليوم نشاهد الجامعات السعودية وعددها تربو على الثلاثين جامعة تتوزع على كافة مناطق المملكة، وتضم كوادر علمية على أعلى المستويات، سواء من الكوادر الوطنية المؤهلة أو من الكوادر المستقطبة من أرقى الجامعات العربية والعالمية، ونشاهد سنويا تخرج الآلاف من الطلبة المتميزين والقادرين على قيادة عجلة التنمية في بلادنا العظيمة.

وأيضا، تتأسس الحضارة على مقوم الفكر والثقافة، ولا يخفى على القارئ الكريم أن أكبر معرض كتاب دولي في منطقة الشرق الأوسط هو معرض الرياض الدولي الكتاب، والذي اقتنى فيه السعوديون كتبا ومراجع تقدر قيمتها لهذا العام ما يقارب الخمسة والسبعين مليون ريال، وفي هذا الدلالة الواضحة على مدى حبهم للثقافة وولعهم بقضايا الفكر والمعرفة، ومن خلال أعمدة الصحف المحلية نرى المواضيع الفكرية القيمة والهادفة التي يتناولها الكتاب ويحيون في قرائهم نماء الفكر والثقافة.

وأيضا، تتأسس الحضارة على مقوم الإنسان، وقد أولت المملكة العربية السعودية منذ بداية تأسيسها اهتماما بالإنسان السعودي، فكرست جهود الحكومة على تعليمه التعليم الأمثل، فقامت بابتعاثه إلى أرقى الجامعات في العالم، كما قامت بإلحاقه بالدورات التدريبية المختلفة، ووفرت له سبل الرعاية الصحية والاجتماعية المثلى، وأصبحت الجهات والوزارات معنية بخدمة المواطن بالدرجة الأولى.

وبعد الاهتمام بمقوم الإنسان، يأتي مقوم التطور العمراني والبنياني، ولا شك أن المملكة العربية السعودية في جميع مدنها على وجه العموم، وفي مدنها الكبرى وعلى وجه الخصوص، تشهد تطورا عمرانيا يعانق السحاب في علوه، وتضارع أبنيته السامقة بنايات المدن العالمية الأخرى، كما أن معدل النمو العمراني في المملكة ذو معدل نمائي عال على المستوى الإقليمي والدولي.

هذا غيض من فيض، مما تأسست عليه الحضارة السعودية الحديثة والتي تشهد اليوم نموا متسارعا في العهد الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ورعاه.