فارس هاني التركي

أفلا يبصرون

أرقام فارس
أرقام فارس

السبت - 08 يوليو 2017

Sat - 08 Jul 2017

نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، والبصر من أهمها، فالعين بها من الدقة وكمال الخلق الشيء العظيم. بعض الأطباء يعتبرها ثاني أهم عضو في جسم الإنسان بعد المخ لأسباب كثيرة سوف نعرج إليها، والبعض يعتبرها أهم من القلب، لأن القلب يمكن استبداله بزراعة قلب آخر، أما العين فلا يمكن زراعتها إذا تلفت لا سمح الله، فهناك مليون عصب ينقل الإشارات من العين للمخ. أغلب الأطباء يرفض هذا التصنيف، ويعتبرون أن جميع أعضاء جسم الإنسان مهمة دون تفريق ولا يمكن إعطاء الأفضلية لعضو على الآخر.



الإنسان يتلقى المعلومات منذ طفولته عن طريق النظر أو السمع أو الحس ويكون معرفته وفهمه بناء على هذه المعلومات التي تلقاها، وتكمن أهمية العين فيه أنه يتلقى 85% من هذه المعلومات عن طريق العين، فهي التي يرى بها الأشياء ويفرقها، وهي التي عن طريقها يقرأ ويتعلم، فكل هذه المعلومات تصل عن طريق العين للمخ الذي يقوم بتحليلها وفهمها وتخزينها، ولذلك نجد أن العينين تستهلك 65% من طاقة الدماغ، فمن غير المستغرب إذا أراد الإنسان الراحة أو النوم أن يغلق عينيه، فذلك يوقف الكم الهائل من المناظر والمعلومات الداخلة للدماغ.



عين الإنسان يمكنها التفريق بين 10 ملايين لون مختلف، ففي درجة الرمادي فقط تستطيع العين التفريق بين 500 درجة، يساعدها في ذلك دقتها العالية، فإذا استخدمنا مقياس Megapixels لدى الكاميرات التجارية التي وصل بعضها لدرجة 10 أو 20 Megapixels فإننا سنجد أن عين الإنسان تعادل دقتها 576 Megapixels .



وترمش العين 17 مرة في المعدل لترطيب العين، فيما تشير بعض الأبحاث من جامعة أوساكا إلى أن العين ترمش لإراحة الدماغ، فالتركيز المستمر للعين يرهق الدماغ. عضلة العين كذلك تعتبر أسرع عضلة في جسم الإنسان، فتجد أن الإنسان قادر على أن يرمش 5 مرات في الثانية الواحدة فلا غرابة أن تستخدم سرعة الرمش للدلالة على السرعة، ففي القرآن الكريم قال الذي عنده علم من الكتاب لسليمان عليه السلام «أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك» وذلك عندما أراد أن يبهره بسرعة إحضار عرش الملكة بلقيس، وكذلك المثل الشهير في الإنجليزية: In the blink of an eye

بالإضافة لكونها عضوا مهما، فالعين كذلك عضو جميل ويتغنى الشعراء بجمالها دوما، كل حسب بيئته، فأغلب البشر يحملون العيون البنية والغامقة، ثم بعد ذلك اللون الأزرق، ثم تأتي العيون الخضراء، وهي الأندر في العالم، حيث لا تتجاوز نسبتها 1% من سكان العالم. وتشير العديد من الدراسات إلى أن جميع البشر كانت أعينهم بنية حتى قبل 6 آلاف سنة، حيث حدثت طفرة جينية لأحد الأشخاص وولد اللون الأزرق يومها. وفي كل الأحوال فإن اللون الأزرق في تناقص، حيث إن الأمريكان والأوروبيين اختلطوا أخيرا بجماعات عرقية خارجية مثل الهنود والصينيين والمكسيكيين، ففي حين كانت نسبة الأمريكان ذوي الأعين الزرقاء تبلغ 50% بداية القرن العشرين نجدها اليوم عند قرابة 30% فقط.



قد يتغير لون عين بعض الأشخاص مع الزمن، وهذا يحصل لقرابة 10% خاصة أصحاب العيون الفاتحة، ولكنه كذلك قد يكون دلالة على بعض الأمراض مثل التهاب القزحية. هناك العديد من أمراض العين الشهيرة مثل المياه البيضاء، والتي تشكل قرابة 50% من أمراض العين، ولها أسباب كثيرة مثل التقدم في العمر أو الإصابة بالسكري، تليها العيوب البصرية مثل طول وقصر وانحراف النظر، حيث تشكل 33% من أمراض العين، وبعدها المياه الزرقاء أو ما يعرف بارتفاع ضغط العينين حيث يشكل 10% من مجمل أمراض العينين، ولكنه أخطرها، ويجب علاجه مباشرة، حيث إنه يؤدي للعمى.



من المفارقات العجيبة أن هناك قرابة 250 مليون مصاب بأمراض مختلفة في عينيه، وحوالي 40 مليون أعمى، ولكن عدد الأطباء المختصين في العيون لا يتجاوز 100 ألف طبيب، منهم حوالي 20 ألفا في الولايات المتحدة الأمريكية، يعتبر دخلهم من أعلى الأجور هناك حيث يبلغ المتوسط السنوي 260 ألف دولار أي حوالي 80 ألف ريال شهريا، ولكن يزول هذا العجب إذا ما علمنا أن تخصص طب العيون من أصعب التخصصات الدراسية وأصعبها قبولا في الجامعات. المؤسف أن العرب والمسلمين هم من أسس وأبدع في علم البصريات وعلاجها، وكان نوابغ العالم يأتون لابن سيناء وابن الهيثم لينهلوا من علمهما، فيما نجد اليوم أن اليهود درسوا هذه العلوم عنا وطوروها وتفوقوا فيها حتى أصبحت من أهم العلوم التي يعرفون بها حاليا.



@farooi