شاهر النهاري

أرخص الأوطان وأغلاها

الجمعة - 07 يوليو 2017

Fri - 07 Jul 2017

تعاظم حظ الغني بحرية الأوطان، وتقلص حظ الفقير، الذي لم يعد يجد له وطنا يحميه من الظلم وأهله، ومن التشرد، ومن قلة القيمة.



ويبدو أنها أصبحت تجارة عالمية تستقطب الموسرين، فقط، بأن يتمكنوا من انتقاء الوطن، الذي يشتهونه، والذي يهبهم كل قيمة وأمن واستقرار، وحرية، وحقوق، وقدرة على التحرك المحترم بين دول العالم الصديقة دون أبواب وحواجز.



كثير من تلك الدول المسالمة الآن تبحث عن الثري، الذي يستطيع أن يهبها المال، فتحقق له أمنياته بالوطن المثالي.



وأرخص هذه الجنسيات، التي تناسب الأفراد الأثرياء تمنحها دولة (سانت لوسيا)، وهي جزيرة صغيرة وسط البحر الكاريبي، مجاورة لشواطئ دول أمريكا الشمالية والجنوبية، ويبلغ سعر الجنسية الجديدة فيها (100) ألف دولار، وهي ترفع شعار الحب، بأن جنسيتها تتيح لمن يشتريها فرصة الدخول إلى (127) دولة بلا فيزا، ومن هذه الدول الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، وهونج كونج، وسنغافورة، وتحتاج عملية الحصول على الجنسية فيها ما بين 3 إلى 4 أشهر فقط.

وتأتي بعد ذلك جنسية جزيرة (جرينادا)، والتي لا تبتعد كثيرا عن جزيرة (سانت لوسيا)، وبمبلغ إجمالي (200) ألف دولار، وهي تخول من يشتريها الدخول لنفس الدول بالإضافة إلى الصين، وتحتاج شهرين فقط.



ويصل الأمر إلى تركيا، والتي وحسب قانونها الجديد تطلب ممن يريد الحصول على جنسيتها أن يقوم بإيداع ثلاثة ملايين دولار أمريكي في أحد البنوك التركية، حتى يحق له الحصول على جنسيتها، بعد ثلاث سنوات شريطة عدم سحب المبلغ خلال تلك الفترة، كما يستحق الجنسية بعد المدة ذاتها من يشتري عقارا فيها بقيمة مليون دولار أمريكي فأكثر، أو من يستثمر في مشروع تجاري بقيمة لا تقل عن مليوني ليرة تركية، أو من يمتلك شركة تشغل مئة مواطن تركي على الأقل.



وهذه الدول العارضة لجنسياتها ماديا لا تضغط على الثري بأن يتخلى عن جنسيته الأصلية، وهذا مما يزيد من الإغراءات، لمن يحلمون بوطن، ليس كوطنهم، ولا يشعرون فيه بأنهم مغلوبون على أمرهم، ولا محددون بزيارة عدد بسيط من الدول، وحسب العلاقات الدبلوماسية لأوطانهم الأصلية مع أعضاء المجتمع الدولي، بحيث إن دولة مثل ألمانيا تسمح جنسيتها بدخول (177) دولة بدون الحصول على فيزا.



وحسب تصنيف 2017م، السنوي لمؤسسة (هينلي وشركاؤه)، تأتي بعد ذلك السويد (176) دولة، بينما تقع دول الخليج في المنتصف، فيمكن للسعودي دخول (69) دولة، والكويتي (82)، والإماراتي (122) دولة، والعماني (71)، والبحريني (73) دولة، وقطر (79) دولة.



وتنتهي القائمة الدولية بدول عانت من التخبطات السياسية، وويلات الحروب، والإرهاب، والفقر، حتى إن أهلها يهربون منها بأي طريقة ممكنة، فنجد مصر (49) دولة، والجزائر (48) دولة، والأردن (47) دولة، ولبنان (39) دولة، واليمن (38) دولة، وفلسطين وإيران والسودان (37) دولة، وليبيا (36) دولة، وسوريا (32) دولة، والصومال (31) دولة، والعراق (30) دولة، وباكستان (29) دولة، وتتذيل أفغانستان القائمة بعدد (25) دولة.



رحم الله زمن كانت فيه الحدود مشاعة، وكان الإنسان يتحرك كيفما شاء، لا ترده إلا أبواب وأسوار المدن الكبرى، والتي يضطر للمبيت عندها حتى الصباح إذا ما وصل في جنح الليل.



@Shaheralnahari