القطاع الثالث.. الواقع والمأمول

الخميس - 06 يوليو 2017

Thu - 06 Jul 2017

تتسابق الأمم على تقديم نماذج ملهمة في سبيل تحقيق الرفاهية الاجتماعية والرقي بها ومن هذه النماذج المؤسسات غير الربحية أو ما يعرف بالقطاع الثالث، فقد ظهر اهتمام كبير بهذا النوع من المؤسسات في الدول المتقدمة خصوصا بعد نجاح منظري العولمة في فرض رؤيتهم بشأن تقليص دور الدولة وإعادة تموضعها كمراقب ومشرع دون التدخل في سياسات السوق، فأصبحت الحكومات تعتمد على هذه المؤسسات في تقديم خدمات اجتماعية كالتعليم والتدريب والصحة ورعاية الأسرة، وتصل نسبة مساهمة القطاع غير الربحي في هذه الدول من 1% - 12% وهو ما يؤهله ليكون قطاعا داعما للاقتصاد.

وبالنظر لواقع القطاع غير الربحي في المملكة فلا يزال هذا القطاع يعاني الكثير من العقبات، فقد كشفت جلسة حوارية نظمها مركز الملك سلمان للشباب قبل أسابيع عن وجود نحو مؤسسة غير ربحية واحدة لكل ألف مواطن وهو رقم أقل من المعدل العالمي، ومعظم هذه المؤسسات إما رعوية في إنفاقها أو ريعية في إيراداتها تنتظر الدعم الحكومي!

تكمن أهمية القطاع غير الربحي أو القطاع الثالث في أنه يعد مكملا للقطاع الحكومي، ومتكاملا مع دور القطاع الخاص الهادف للربح، وتنظيما تشرف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على القطاع غير الربحي، وهذا في ظني غير كاف للارتقاء به والواجب هو فصل هذا النشاط عن الوزارة وإنشاء هيئة عامة يرتبط بها، وليكن اسمها الهيئة العامة لتنمية القطاع غير الربحي لتصبح مظلة تندرج تحتها جميع المؤسسات والمنظمات والأنشطة غير الربحية العاملة في المملكة، ويرتبط بها عدد من الجهات كالهيئة العامة للأوقاف، وتسن لها الأنظمة والتشريعات التي تمكنها من أداء مهامها ومواجهة التحديات وتغيير الفكرة النمطية السائدة عن هذه المؤسسات أنها مجرد مقدم للمساعدات المالية، ودفعها باتجاه تبني مبادرات لإنشاء مستشفيات ومدارس وجامعات ومراكز تدريب وتطوير غير ربحية، والعمل على نشر ثقافة التطوع في المجتمع، فالمملكة يجب أن تأخذ دور الريادة عالميا في مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي لأسباب عدة، أولها أن ديننا الإسلامي يحثنا على فعل الخير وبذل العطاء، وهو من صميم تعاليمه السمحة، وثانيها أن العمل التطوعي والخيري جزء أصيل متجذر في قيمنا العربية الإسلامية الأصيلة والمملكة لديها تجارب رائعة في العمل التطوعي لا سيما في مواسم الحج والعمرة، ويمكن الاستفادة من هذه التجارب وتطويرها من خلال تحفيز الطاقات لابتكار أفكار جديدة، فالفرص متاحة وبشكل كبير، وثالثها أن لدينا توجها من خلال رؤية 2030 نحو دفع هذا القطاع ليصبح مساهما بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي.

كل هذه الأسباب التي ذكرت وغيرها تضعنا أمام تساؤل كبير، هل تستحق المملكة أن تكون رائدة عالميا في المجال غير الربحي أم لا؟، أترك الإجابة لكم.