لماذا نعيد اختراع العجلة؟

الأربعاء - 05 يوليو 2017

Wed - 05 Jul 2017

من المؤسف عدم التخطيط بشكل جيد، أو بالأحرى عدم وجود تخطيط لاحتياجاتنا في كل شيء، فعلى سبيل المثال العالم يتجه نحو التجارة الالكترونية، وبالتالي فالمراكز التجارية ومحلات التجزئة قد تشهد ركودا كبيرا، وهذا واضح من إغلاق بعض محلات التجزئة خلال المرحلة الأخيرة، وقد حذرت مؤسسة Credit Suisse المالية من أن حوالي 20% إلى 25% من المراكز التجارية (المولات) في الولايات المتحدة قد تكون عرضة للإغلاق في الـ5 سنوات القادمة، ومن المتوقع أيضا أن يغلق 8600 محل تجاري أبوابه هذا العام، وهو ما يفوق عدد المحلات المغلقة (6200) في بداية الأزمة المالية العالمية عام 2008.

ورغم كل ما سبق فما زال هناك توجه في بلادنا إلى افتتاح مراكز تجارية (مولات) بشكل كبير للغاية، بدلا من التوسع بشكل أكبر في التجارة الالكترونية، ضاربين بكل الدراسات العلمية عرض الحائط، فلك أن تعلم أن لجنة المراكز التجارية بغرفة جدة كشفت عن دخول استثمارات جديدة في قطاع المراكز التجارية «المولات» في الرياض وجدة فقط بقيمة 41 مليار ريال. صحيح أن هذه المراكز التجارية قد تحقق أرباحا في البداية، لكن سرعان ما ستتحول هذه الأرباح إلى خسائر، وهذا يرجع إلى أنها تسبح ضد التيار، أو بمعنى آخر ضد العلم والتكنولوجيا والمستقبل.

الأكيد أن التجارة الالكترونية ستكون هي المستقبل، وستقضي على التجارة التقليدية بشكل كبير، فمن خلال الجهاز السحري الذي يسمى بـ «الجوال» تستطيع الحصول على كل شيء وأنت في مكانك، فشركة علي بابا الصينية المتخصصة في التجارة الالكترونية انتشرت بشكل سريع في أكثر من 70 مدينة، بما في ذلك الصين، هونج كونج، الهند، اليابان، كوريا، تايوان، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل بها أكثر من 22 ألف شخص، وفي عام 2012 قدرت قيمة مبيعات موقعين تابعين لشركة علي بابا بـ1.1 تريليون يوان (170 مليار دولار)، بمعدل أكثر من معدل موقعي المنافسين «إيباي» و»أمازون» مجتمعين، وفي 2013 قدرت المجلة الاقتصادية ذي إيكونيميست القيمة ما بين 55 مليار دولار لأكثر من 120 مليار دولار.

إن السير عكس التيار والمستقبل لا ينطبق على قطاع المراكز التجارية فقط، بل على كل القطاعات، فعدم وجود رؤية شاملة لمستقبل اقتصادنا طيلة الفترة السابقة أدى لأزمة اقتصادية كبيرة لم يشعر بها الكثير من المواطنين بسبب الاحتياطي النقدي المتراكم من بيع النفط طيلة السنوات السابقة، لكن إذا استمر الأمر كذلك دون تحرك حقيقي فهذا يعني أننا نتجه إلى الهاوية، لا سمح الله، فلك أن تعلم أن الاحتياطي النقدي في عام 2014 بلغ 737 مليار دولار، ومع انخفاض أسعار النفط انخفض إلى 529 مليار دولار في نهاية 2016، ووصل إلى 493 مليار دولار في أبريل 2017، وفقا لما نشر مؤخرا من وكالة الأنباء العالمية «رويترز».

إن نهضة بلادنا ليست بالأمر الصعب، خاصة أنه يتوفر لدينا الأموال الكفيلة بنقل أي تقنية صناعية أو تكنولوجيا بشكل سريع للغاية، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى، فالقاعدة المهمة التي يجب أن ندركها أن «الصناعة الركيزة الأساسية لاقتصاد الدول»، فبدونها لا يمكن الحديث عن أي تقدم أو نمو. وإذا نظرنا حولنا لتأكدنا من صدق ذلك، فدولة مثل الصين ما كان لها لتنهض ولتزاحم الولايات المتحدة على صدارة العالم اقتصاديا دون الصناعة، وكذلك اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة ونماذج أخرى كثيرة لدول صنعت مجدها الاقتصادي بالصناعة وليس بأي شيء آخر.

وأخيرا فنحن اليوم في مواجهة أزمة تنموية معقدة، ولإنجاح الجهود المبذولة وتحسين استغلال الموارد المتاحة، لا بد أن تأتي الحلول متكاملة وداعمة لبعضها حتى لا توجد ثغرات تفاقم من حجم الأزمة التي نمر بها، خاصة أن عدم التنسيق بين الوزارات والهيئات يشعرني بأننا نعيد اختراع العجلة مرة أخرى.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال