أحمد صالح حلبي

كتاب مزورون

الأربعاء - 05 يوليو 2017

Wed - 05 Jul 2017

بعد ظاهرة المؤهلات المزورة وأصحابها الذين وصلوا لمراكز لا يستحقونها، بدأت ظاهرة الكتاب الغشاشين تطفو على السطح، فبعد أن رأينا حامل البكالوريوس يحصل على الدكتوراه، ويتحول من تخصصه في اللغة العربية التي هجرها منذ تخرجه، إلى حامل لدرجة الدكتوراه في الصحافة السعودية، إن سألته عن نشأة الصحافة السعودية وأبرز الصحف، لوجدته أبكم لا يستطيع الكلام.



وبعد هؤلاء الحاملين للمؤهلات المزورة أصبحنا نرى اليوم من يبرز صورته هنا وهناك، فنرى اسمه يتصدر مقالا اجتماعيا تارة، وتارة أخرى مقالا اقتصاديا، ولا يعيب أن نجده متحدثا عن شعر الفرزدق والبحتري، فطالما أنه يدفع فسيجد من يكتب له ما يريد، فهدفه لا يتمثل في نقل معاناة مجتمع أو إظهار عمل يستحق الشكر، لكنه يبحث عن أضواء تأتيه من هنا وهناك ليقال إنه كاتب له مكانته في المجتمع! فنراه يسعى لشراء أقلام بعض الوافدين الباحثين عن لقمة العيش، ونراه يتحدث عن أمور يجهل معانيها، ويزداد غروره وكبرياؤه إن جاءه اتصال من هذا أو خطاب من ذاك، فيسعى لإشاعة ذلك بين العامة معتقدا أن مثل هذه الخطوة ستعلي شأنه وترفع مكانته!



وهذا ما يذكرني بما قاله كاتب مغمور لبرنارد شو: أنا أفضل منك، فإنك تكتب بحثا عن المال، وأنا أكتب بحثا عن الشرف.. فرد برنارد شو: صدقت، كل منا يبحث عما ينقصه..!



فهم يستعينون بمن يكتب لهم لأنهم باحثون عن الشرف والمكانة داخل المجتمع، وإن جالستهم في حوار أو نقاش وجدت أنهم مفلسون، لا يملكون حصيلة علمية ولا ثقافة معرفية، وحديثهم مثل حديث السفيه الذي إن تحدثت إليه أخطأت وإن صمت أخطأت، وعلينا أن نردد قول الحق تبارك وتعالى: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)، كلما رأيناهم حتى يبتعدوا عنا.



لأن الحوار والنقاش معهم لا يرتبط بمستوى ثقافي، وليس أمامي سوى (اللهم حل أخلاقنا بأخلاق نبي الأمم).



ومثل هؤلاء السفهاء لا بد أن نرتقي حينما نرد عليهم، ونعطي الكلمة حقها فهي نور تضيء القلوب وتزين العقول، وعلينا أن نتذكر ما قاله الإمام الشافعي في الإعراض عن السفيه وعدم مجاراته بقوله:

إذا سبني نذل تزايدت رفعة

وما العيب إلا أن أكون مساببه

ولو لم تكن نفسي علي عزيزة

لمكنتها من كل نذل تحاربه



وتحفل كتب الأدب العربي بالكثير من الأمثلة التي تروي قصص تجاهل السفهاء، فهذا شتم رجل الشعبي فقال له الشعبي: إن كنتُ كما قلتَ فغفر الله لي، وإن لم أكن كما قلتَ فغفر الله لك.



وحكي عن الأحنف ابن قيس أنه قال: ما عاداني أحد قط إلا أخذت في أمره ثلاث خصال:

أ – إن كان أعلى مني عرفت له قدره.

ب – وإن كان دوني رفعت قدري عنه.

ج - وإن كان نظيري تفضلت عليه.



ولا بد أن ندرك أن الحوار من أكثر الأعمال متعة وارتقاء، فمن خلاله نصل إلى نتائج جيدة وثمار يانعة تنمي الفكر الإنساني وتوسع آفاقه، لكن الحوار يكون غير ذي جدوى عندما يتحاور الإنسان مع الجهلاء أو السفهاء.



لذا يجدر بنا أن نتوقف عن مناقشة السفيه ومجادلته لأننا لو فعلنا ذلك فسوف نتساوى معه في المنزلة والمكانة، فالسفيه لا يحاور ولا يناقش بموضوعية وحياد ولا يراعي حدود الاحترام، وإنما يقلل من الآراء.



[email protected]