شاهر النهاري

أنت والسيارة الآلية

الأربعاء - 05 يوليو 2017

Wed - 05 Jul 2017

طالعنا في صحيفة مكة (1437) نتائج دراسة قامت بها مجموعة العلوم الناشئة والأخلاقية في جامعة ولاية كاليفورنيا (بوليتكنيك)، لمعرفة كيفية تقبل البشر لمفهوم السيارات ذاتية القيادة، حيث تنعدم قدرة الراكب على تلافي حوادث الطريق، وتترك كليا للقائد الالكتروني، والمعلوم أن 94% من حوادث السيارات تحدث بسبب ردة الفعل الأخيرة نتيجة حكم خاطئ يتخذه الأشخاص، ولذلك فإن صانعي هذه السيارات يتأملون في تحسين تلك النسبة بالاعتماد على القائد الالكتروني.



في بعض حالات المرور الطارئة يتوقف السير فجأة، والحل يتم خلال ثانية يقوم خلالها القائد الالكتروني بحساب جميع الاحتمالات، واختيار الحل الأمثل؛ بالتوقف، مع خطورة السيارات من خلفه، أو الخروج عن المسار، لليمين، أو اليسار، والنتائج هنا تكون غير محسوبة بالشكل الكامل، فقد تؤدي لارتطامه بسيارات على المسارات الأخرى، وتعريض الركاب للخطورة.



راكب هذه السيارة مسير لا مخير، وهو مشلول، لا يتمكن من التدخل، ولو سمحت له البرمجة بأن يتدخل، فهذه كارثة أعظم، حين يتعدد القادة في طرفي الحادث فلا نعود نعرف قانونيا من المتسبب والملام.



الإنسان الآلي يغزو حياة البشر في وجوه ومجالات عديدة، ويحل نيابة عنه، من تولي عملية إيقاظه من النوم، وحتى في التحكم بالطبخات، ودفع وحفظ النقود، وغيرها، ولكن أن تصل المسألة إلى درجة قيادة السيارة المغلقة، في وسط شارع مكتظ بالسيارات، والناس، والمعوقات، فهذا أمر يظل مرعبا لكثير من البشر، مهما بلغت لديهم هواية المغامرة، وركوب الجديد.



وقد كان سؤال الاستبيان في الدراسة المنوه إليها: تخيل أن السيارات ذاتية القيادة طرحت في الأسواق، فما مدى قبولك لركوب إحدى تلك السيارات؟

وكانت نتائج الدراسة مختلفة، وحسب منطقتها، ومفهوم الشعب فيها، وكنه الظروف المعيشية ومدى الطموح والثقة بالآلة وبالعلم والمطورين، فأقر 58% من حول العالم أنه من المرجح أن يجربوا في المستقبل السيارات ذاتية القيادة.



في الصين وجدنا: مرجح جدا 32% مرجح 43%، وفي فرنسا: مرجح جدا 31% مرجح 27%، وفي ألمانيا: مرجح جدا 21% مرجح 23%، وفي الهند: مرجح جدا 56% مرجح 29%، وفي اليابان: مرجح جدا 12% مرجح 24%، وفي هولندا: مرجح جدا 19% مرجح 22%، وفي سنغافورة: مرجح جدا 31% مرجح 31%، وفي الإمارات: مرجح جدا 38% مرجح 32%، وفي بريطانيا: مرجح جدا 25% مرجح 24%، وفي أمريكا: مرجح جدا 27% مرجح 25%.



ولو عدنا لبعض تلك النتائج تحديدا، لتمكنا من معرفة الكثير عن تلك الشعوب والبلدان، من نواحي التعليم، والثراء، والميكنة، ومن تعود على الحوادث، حتى لم يعد لديهم ما يخسرونه، ومن يرفضون أن تقودهم آلة، حتى ولو كان في ذلك غاية الراحة، ودقة الصنع، وحتى مع اليقين بأنها لا تغفو ولا تنام.



ولا شك أن العلم يتطور، ويسيطر على معطيات البشر، وأن الأكثرية سيتعودون، ويثقون به شيئا فشيئا، ضمن حياة تنحى للأفضل.



الخوف الذي ينتابني شخصيا من هذا الذكاء الصناعي، هو احتمالية سيطرته على الإنسان، بأن تتمكن الآلة من برمجة وتطوير ذاتها يوما من الأيام، فيكتشف الإنسان كيف فرط، وكيف سلم نفسه لمخلوقات ليست فضائية، ولكنها تكاد أن تكون!



Shaheralnahari@