كرة الثلج

الاثنين - 03 يوليو 2017

Mon - 03 Jul 2017

في ظل التعنت القطري، وانقضاء المهلة الممنوحة لها، هناك مواقف وعرة وقرارات حرجة ستلوح في الأفق، وهناك لحظات عصيبة سوف تتجلى تستعصي بدورها على القائمين بجهود الوساطة.

ويبدو أن الأيام القادمة سوف تشهد منعطفا جديدا على مستوى تبادل العلاقات في المنطقة، قد تحول دون نجاح مسيرة حل إشكالية هذه الأزمة، قد تنذر بظهور عوائق محبطة في هذا الطريق، وربما تخلل تلك الوساطة عقبات أكثر مما هو متوقع، مع فرض عقوبات أكبر على سياسة الدوحة. فعدم إقرار قطر بالأخطاء والتجاوزات الأمنية التي طال اللجاج فيها، سيعثر تلك الوساطة ويعقد من المساعي الرامية لحلحلة القضية، ومن المحتمل أن يتصاعد الخلاف بين القطبين.

إن سيل الأدلة الذي عزز من عنصر الإدانة، لم يكن بالأمر اليسير، فالتهم المنسوبة والموجهة إلى الدوحة أكثر من أن تحصى، والتسريبات الصوتية واعترافات بعض المسؤولين فيها، براهين وقرائن كافية لتجرم ساسة قطر، وتنسف بذلك من مصداقية تلك الادعاءات الكاذبة والمتمثلة في الاختراقات الالكترونية.

في مقابل ذلك لم نر منها حتى الآن أي بوادر استجابة لتحكيم صوت العقل، ولا بصيص أمل يسوده المنطق، مع رفض تام للتقيد والامتثال للقرارات التي أصدرتها الدول المقاطعة، وها هي الدوحة تضرب بكل الخيارات المتاحة عرض الحائط، وتبدو عازمة على الرهان على الحصان الخاسر، وحتى بعد أن أقيمت عليها الحجج وأسقطت معها كل المبررات الهشة التي تنادي بها، وانعدمت معها كل الذرائع الواهية التي تتسلق عليها، وما مضيها في تلك المجازفات إلا دليل يوحي بعدم النضج في حسم الأمور، ولا الوعي بالبعد السياسي، وماذا يعني القيام بإجراءات جانبية لا تخدم سياق القضية، ألا أنها ذريعة من تلك الذرائع بهدف الفرار من الواقع، تماما كقضية الطفل الذي يتهرب من الأسئلة الحرجة ليمسح لوحة السبورة. تلك العنتريات غير المتزنة والخالية من القيم والعقلانية ستكون وبالا للأسف إن هي لم توقف عند حدها.

لقد انجلى الغطاء وانكشف ما تحت الكساء، والملفات المخفية تطايرت خفاياها، ويوما بعد يوم نفاجأ بوسائل الإعلام التي غدت أكثر رسولا للعيان، وتداهمنا بفورة من التسريبات المباغتة، عدا القنوات القطرية وعلى رأسها قناة الجزيرة التي تلوك في برامجها كل الحقائق، ويظهر من جراء ذلك أن السياسة القطرية حبلى بالمفاجآت، فالتطورات المتعلقة بالقضية تنبئ بأن في جعبة السياسة القطرية القائمة على المغالطات الكثير من التمادي والتجاوزات التي لم يكشف عنها الستار، وكرة الثلج قد يتعاظم حجمها ويغدو تدحرجها المتسارع أكثر قلقا للشارع القطري من غيره من شعوب المنطقة، فالتصرفات الخاطئة هي التي وضعت هذا الشعب المكلوم والمغلوب على أمره في هذا المأزق وحشرته في هذه الورطة الكبيرة، وقد بات أسير الحيرة كغيره من الشعوب، وكأن في فيه ماء، ويعلو محياه معجم من الاستفهامات والأسئلة، فهو حتى هذه اللحظة لا يعلم عن الدافع وراء قيام القيادات القطرية بتلك الأفعال، وهنا لن يسعنا أو يسعهم إلا قول «لا حول ولا قوة إلا بالله».

أخيرا ما زالت هناك إلى الآن استفهامات أخرى، تبحث عن إجابات!

هل لقطر كل ذاك الثقل في العالم، رغم صغر مساحتها التي لا تتجاوز أحد عشر ألفا وخمسمئة وواحدا وعشرين كيلومترا، وشعب لا يتعدى ثلاثمئة ألف مواطن، لتغدو الممول الأول لعناصر الإرهاب، وهو ما جعل الرئيس الأمريكي ترمب يغرد قائلا إن عزل قطر هو بداية نهاية الرعب الإرهابي؟ وهل كانت حكومة أوباما يومها على علم بذلك؟ وإن كانت تعلم فلماذا غضت الطرف عنها كل هذه الفترة؟ الأيام القادمة كفيلة بسبر غور الحقائق وحل لغز الإجابات.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال