هبة قاضي

ست ضلالات في الحب قاتلات

دبس الرمان
دبس الرمان

الاحد - 02 يوليو 2017

Sun - 02 Jul 2017

اشتعلت السجالات السياسية على إحدى القضايا، وتداولتها القنوات الإعلامية بضراوتها المعتادة، فوجد نفسه لا إراديا وبدون تفكير أو إلمام بالأمر يعلن تحزبه مع موقف معين، منساقا مع زمرة من حسبهم على حق بناء على اعتباراته الشخصية.



وحين ظهرت مدارس الفكر الجديد وتيارات علوم فلسفة تطوير الذات، وجدت نفسها تتعمق فيها وتستزيد منها وتعتنق أفكار صانعيها، مدفوعة بحبها للحكمة والتطوير، وساعية لتمرير هذه الأفكار لغيرها في انجراف سريع. وحين عرض عليه أحدهم أن يستثمر أمواله في ذلك المصنع الضخم في إحدى الدول النائية واعدا إياه بالأرباح المهولة والسريعة لم يتردد كثيرا خاصة مع اعتناقه لمبدأ أن المخاطرة والجرأة هما مفتاح الثراء والثروة.



على ضفاف نهر جار جلس الحكيم الصيني كونفشيوس مع تلميذه (ليو) ليسأله فجأة: هل تعرف يا ليو الإدراكات الستة أو الضلالات الست؟ فأجابه تلميذه: أيها المعلم ليس لدي أي فكرة. فرد عليه: إذن دعني أعلمك إياها يا ليو.



أما الإدراك الأول فهو أن تحب الإنسانية، لكن دون أن تتعلم، وهذا ما يدعى ضلال الحماقة. وأما الثاني فهو أن تحب الحكمة دون أن تتعلم، وهذا ما يدعى ضلال التسلية.



وأما الثالث فهو أن تحب الإخلاص دون أن تتعلم، وهذا ما يدعى ضلال الذريعة. وأما الرابع فهو أن تحب الحق والحقيقة دون أن تتعلم، وهذا ما يدعى ضلال التعصب. وأما الخامس فهو أن تحب الشجاعة دون أن تتعلم، وهذا ما يدعى ضلال التهور.



وأما السادس والأخير فهو أن تحب العزيمة وقوة الإرادة دون أن تتعلم، وهذا ما يدعى ضلال الفوضى. أدعوك عزيزي القارئ وبكل صدق وشفافية لإعادة قراءة القصة مرة واثنتين وثلاثا وربما أكثر. أدعوك لأن تجلس مع نفسك أو من تثق فيه وتصارح نفسك بنوع الضلالة الذي وقعت فيه وانسحبت معه بدون وعي، فلا أحد فينا فوق انسياقه دون أن يشعر خلف ضلالة أو اثنتين وربما أكثر.



فالإدراكات الستة شملت في تعدادها جميع أنواع الاعتقادات الفكرية، النفسية، والدينية التي نعتنقها ونمارسها جميعا كمسلمات لا نقاش فيها. فكيف سيتبادر إلى أذهاننا أن مواقفنا وردود أفعالنا التي يبدو ظاهرها منطقيا ولا يحتاج لتفكير، ما هي حقيقة إلا تبعية الجهلاء الذين يتكاسلون عن البحث والمعرفة، معتقدين أنها فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين. فإن كان كونفشيوس استنتج بحكمته الإنسانية أنه لا بد أن تتعلم، فقد قالها الله في كتابه الكريم حقا دامغا «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»، لذا لنرحم أنفسنا ونتعلم قبل أن نتخذ المواقف، أو لنوفر على أنفسنا وعلى غيرنا العناء في حال جهلنا بالاكتفاء بالسكون.