شاهر النهاري

سيادة الشعب القطري

الاحد - 02 يوليو 2017

Sun - 02 Jul 2017

تكرر في الآونة الأخيرة مصطلح (دولة ذات سيادة)، والذي تشبثت به الخارجية القطرية، والإعلام القطري لتمرير حالات التملص، والتذرع، بغرض إثبات أحقيتها في عدم الانصياع لطلبات الدول المقاطعة.



وتاريخيا فقد ظهر مصطلح «السيادة» في قانون الأمم الدولي، مع نشوء الدولة القومية الحديثة في أوروبا، وتحديدا بعد معاهدة (وستفاليا)، سنة 1648م، والتي انتهت بها حروب قارة أوروبا الدينية.



والمعاهدة تقر بامتلاك كل دولة السيادة العليا والمطلقة على جغرافيتها، ودون تدخل من أي دولة أخرى.



وقد تبنى ميثاق الأمم المتحدة عام 1945م، هذا المفهوم، وحدد المبادئ، التي على الدول الأعضاء العمل بموجبها لتحقيق مقاصد المنظمة، وهي:



1. المساواة في السيادة.

2. عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

3. الامتناع عن التهديد أو استخدام القوة ضد وحدة، أو سلامة أراضي أو استقلال أية دولة.



وهذا ما يجعل جميع أعضاء الأمم المتحدة متساوين، ولهم صوت مماثل.



ولكن ميثاق المنظمة لم يجعل السيادة للدول مطلقة ومرسلة، بل عززه بمواثيق وشروط، فرضتها الحاجة، وبعد نشوء المنظمات الدولية المختلفة (العالمية والإقليمية، والسياسية، والأمنية، والمتخصصة)، وما أنتجته تطورات العلاقات بين الدول، والمتغيرات المصاحبة للعولمة، والتكنولوجيا مما احتاج لتقييد الحقوق، والصلاحيات، والوظائف السيادية للدول، وبما يكفل مصالح المجتمع الدولي، فتم تقييد مفهوم السيادة، ليصبح التدخل في الشؤون الداخلية للدول أمرا مشروعا بالنظام العالمي، وبما تقتضيه الحاجة.



وفي 1991م، تم تطوير هذه القدرة على التدخل في الشؤون الداخلية للدول من خلال معاهدة (ماسترخت)، بإنشاء مؤسسات اتحادية تفوق المؤسسات الوطنية للدول الأعضاء، وتجعل أصحاب السيادة في الدول، خاضعين لاختصاص المحكمة الجنائية في حال ارتكابهم لأي جرائم دولية.



وبذلك يتضح لنا أن السعودية والدول المقاطعة تفهم روح القانون الدولي جيدا، وأنها لا تسعى للمساس بسيادة حكومة قطر فيما يخص شؤونها الداخلية؛ غير أن هذه الدول المقاطعة متضررة من جراء تمادي الحكومة القطرية، في رعونة أفعالها، التي تتم بالسر والعلن، وتتعدى مفهوم سيادة الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، وفي منظومة جامعة الدول العربية، وعضوية مجلس التعاون الخليجي، ومما استلزم التدخل من دول المقاطعة بعد محاولات أخوية طويلة، وتوقيع معاهدات خاصة، لم تكن عند حكومة قطر سوى غطاء لخبث أكبر، وتدخلات أخطر في معطيات تلك الدول، بغرض هز قيمتها الدولية، وتخريب أفعالها، وتأليب شعوبها على الحكومات.



حكومة قطر تفهم السيادة، بمفهوم منقوص، فهي تريد التمتع بكامل سيادتها، ولا تريد أن تحترم سيادة جيرانها، وأشقائها!



حكومة قطر استمرأت السماح، والعفو، وغض البصر، والتراضي بمجرد حبة الخشم، ولذلك فقد ظلت أثناء المقاطعة والمهلة، التي أعطتها دول المقاطعة، تشغل العالم بأنها جاهلة فيما يريده المقاطعون، وعندما أرسلت لها الطلبات، ظلت تتباكى، وتدعي أنها محاصرة، وتلتجئ بإيران وروسيا وغيرهما، وكأن وساطة دولة الكويت لا تعنيها.



وما تزال قطر تعيش على وهم أنها ستتمكن من تشتيت انتباه الدول المقاطعة، والمجتمع الدولي بأكمله، والذي وضعها في خانة المخطئ، وطالبها بضرورة تنفيذ العقوبة، وهي تتباكى على سيادتها، التي تستغلها روسيا وإيران.



شعب قطر الشقيق هو همنا الأكبر، وهو جرح أفئدتنا، الدامي، وسيادته تظل هي سيادتنا.



@Shaheralnahari