عبدالله المزهر

طلع الغدر علينا

الاثنين - 26 يونيو 2017

Mon - 26 Jun 2017

العنوان أعلاه مكرر، وقد كتبته قبل عام كامل بالتمام والكمال، وقلت في ذلك المقال:

"التفجير في الآمنين جريمة، والتفجير في الآمنين في رمضان جريمة أكبر، والتفجير في الآمنين في العشر الأواخر من رمضان فعل تبدو معه كلمة "جريمة" وصف مخفف ولطيف، والتفجير في الآمنين في العشر الأواخر من رمضان وبجوار مسجد رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم فعلٌ يتجاوز المنطق ويبدو تحليله وفهم دوافعه والعقلية التي قامت به شيء أمر على الفهم!"

الذي تغير هذا العام هو أن الأمر أصبح في مكة، والحديث عن هؤلاء أصبح مكرراً ومقززاً. ووجود هذه الفئة من الكائنات الحية كفيل بتغيير كثير من القناعات، فقد آمنت طويلاً أن الحوار حل لكل المشاكل، وأن أي خلاف مهما بدا صعباً ومعقداً فإن الحوار ومقارعة الفكرة بالفكرة سيكون كفيلاً بتوضيح الصورة والوصول إلى نقاط اتفاق مهما كان عمق الخلاف.

ولكني مع هؤلاء أكفر بهذا المنطق، فلا سبيل للحوار ولا للتفاهم معهم، هم هدفهم واضح ومحدد، وهو اغتيال "الحياة" بكافة أشكالها وصورها. وعدو واضح كهذا لا حاجة أبداً للتحاور معه، فهدفه هو أن يموت ويقتلك معه، ولذلك تبدو كل النقاشات عبثية لا مبرر لها.

ولا أعلم ما هي الأشياء التي يمكن نقاشها مع شخص مقتنع بأن تفجيره في المسجد الحرام وقتل المصلين أمر سيدخله الجنة. هذا ورم يجب استئصاله بجذوره ومسبباته والدوافع التي أدت إليه.

وعلى أي حال..

يجب أن يواجه هذا الفكر مواجهة حقيقية، وأن تسمى الأشياء بأسمائها، أما البحث عن "أشباح" وتحميلها هذه الجرائم فهو هروب للأمام وخوف من المواجهة. كلمات مثل "المحرضين" تعني ببساطة "لا أحد"، إما أن يسمى هؤلاء المحرضون ويناظروا ويناقشوا ويحاكموا بأسمائهم وشخوصهم، أو فلنبحث عن أسباب أكثر وضوحاً لنتحدث عنها.

الحديث عن الأموات وكتبهم وآرائهم وتحميلهم جرائم الأحياء يبدو ـ في ظاهره على الأقل ـ عدم رغبة في مواجهة الأحياء!