رسائل الحزم

السبت - 24 يونيو 2017

Sat - 24 Jun 2017

شكلت الحرب النفسية على مدى أجيال وعقود دورا مهما في حسم المعارك، وقوة ضاربة على مستوى الحروب والصراعات البشرية، قد تفوق في ضراوتها أحيانا بأس العتاد المستخدم في الحروب التقليدية، ففي الوقت الذي تشتعل فيه فتائل الحرب على ساحات الاقتتال، تحتدم هناك ملحمة جانبية، تدور رحاها على طاولة المصطلحات الرنانة وصرير الأقلام الطنانة، حيث تستمد صلابتها الفولاذية من إخضاع الكلمات وتطويعها لتكون أداة فتك وتدمير لنفسية العدو، معتركها سلطة الأفواه وتحريض الألسن، والتي بالضرورة ستترك أثرا بليغا في عدم استقرار الحالة النفسية للعدو، ومن ثم زعزعة الثقة في أفراده، للسيطرة على سلوكياته وتصرفاته في الميدان. تلك الاستفزازات المؤثرة تبقى قادرة على كسح قدراته الحسية، والتي ما تلبث أن تحقق الهدف العسكري وبسط النفوذ في المنطقة، بإسقاط قذائف من نوع أقذر النعوت وأحقر الصفات التي هو جدير بها. فإن قساوة الحرب النفسية وتفاوت شراستها على الطرف الآخر يكمنان في ارتفاع حدة لهجتها، وتفاعل الخصم معها، تبعا لما تقتضيه الحاجة والهدف، فهذان هما المؤشران الملزمان في ضرب الروح المعنوية وإضعافها، وتأثير الأقوال والألفاظ المباشرة لا تعدو أن تكون عاملا موهنا للقدرات والعزائم، فهي حين تقع ستقع على شفا مقتل. ولقد وثقت لنا القنوات الفضائية عبر محطة قناة العربية لمراسلها محمد العرب أو ما تعارف على تسميته بمراسل الحزم ومتلازمة (نحن هنا أين أنتم) وهذا أحد نماذج الحرب النفسية التي نحن بصدد ذكرها، والمنطوية تحت مفردات وكلمات بسيطة، لا تتعدى الأسطر القليلة، فلقد أسهمت تلك المفردات رغم بساطتها في تعرية العدو وفضح أكاذيبه وتزييفه للحقائق. كما لاقت في غضون ذلك رواجا لا بأس به على صعيد منصات التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، فهنا استطاعت الكلمات أن تتغلب على الرصاص، وتفوقت سلطة اللسان على الذخيرة، فأصبح ذلك هو السلاح البشري الذي يشل به تلك العقول التي هيمنت عليها العاهات والعلل، ورغم ما تحمله هذه المفردات من طرفة في ثناياها تظل هذه الكلمات والمصطلحات المصاحبة للحرب النفسية البارود الذي تطلقه الأفواه والأقلام.

وها نحن هنا فأين أنتم؟