فاتن محمد حسين

العيد.. ومطوفو ومطوفات جنوب آسيا

السبت - 24 يونيو 2017

Sat - 24 Jun 2017

رحم الله المتنبي الذي سطر شعره حكما وخلد إرثا أدبيا وحضاريا ما زلنا نستحضره في مناسبات عديدة. واليوم يأتي بيته الشعري (عيد بأي حال عدت يا عيد.. بما مضى أم بأمر فيك تجديد) مدويا في أعماقنا.. ولن أتحدث عن جراح الأمة الغائرة فالكلمات تخنقها العبرات، وربما يكون الصمت أدعى؛ فزلزلة الألم.. ورائحة الموت.. وهزيع الدمار.. تنسج في آفاقنا متاهات الضياع.



ولكن سأتحدث اليوم عن آلام قاصرة لفئة محددة إنهم (مطوفو ومطوفات مؤسسة جنوب آسيا) الذين توقعوا الكثير من مجلسهم الجديد، والذين قدموا وعودا انتخابية باستثمارات وأرباح ترفع من دخول المساهمين والمساهمات وإذا بهم يفاجؤون بخسائر جمة، فمبنى الأهلة الذي تمت ترسيته منذ عام 1428 من المجلس الأسبق، وافتتح بحفل عام 1435 لم تتمكن الإدارة الحالية من إدارته بالصورة التي تحقق طموحات المساهمين والمساهمات! بل مني بخسائر بلغت أكثر من 16 مليون ريال وإن هذه الخسائر يدفع ثمنها المساهمون والمساهمات!



القضية الأهم هي: أن المساهمين والمساهمات قد رفضوا ميزانية موسم حج 1436، والموازنة التقديرية لعام 1437 في اجتماع الجمعية العمومية الثانية 1/9/1437 بنسبة 80% من الأصوات، ولكن للأسف فإن الوزارة قد أعادت الميزانية للمؤسسة، ولا نعلم ما هي المسوغات النظامية والقانونية التي تستند عليها الوزارة في إعادة الميزانية وإعادة التصويت عليها! في الوقت الذي كنا نتوقع أن تقوم بتشكيل فريق احترافي للتحقيق في أسباب الرفض والتدقيق المالي، واكتشاف الثغرات، وربما تقديم حلول ناجعة لإدارة الأزمة.. لأن الخسائر في الميزانية لموسم عام 1436 قد تضاعفت في العام التالي موسم حج 1437. لذا فإننا ربما هنا نرفع الصوت عاليا لجهات أخرى رقابية للقيام بدورها مثل (نزاهة) و(النيابة العامة).



المشكلة أن ما كنا نتوجس منه قد وقع، فعند إعادة الجمعية العمومية (للمرة الرابعة) شكل رئيس المجلس تكتلا من الحشد الشعبي.. مما جعل (موافق) وصلت إلى 49,26، بينما (غير موافق) وصلت إلى 47,70 أي بفارق أقل من 2% وهناك فئة قليلة ممتنعة. ولكن ألا يعني ذلك أن حوالي نصف المساهمين والمساهمات غير راضين عن تلك الميزانية! والذين لم يحترم رئيس المؤسسة رأيهم.. وأرسل رسالة مباركة على الجوال بقبول الميزانية، ولم يراع مشاعر من جاء من كبار السن ليقول كلمة الحق.. ومنهم من جاء على كرسي متحرك. بل لم يعتذر عن إحضارهم في ذلك الوقت الصعب للتصويت، ولم يعتذر عن الخسائر ونقص في المبلغ المقطوع وقيمة السهم فحصل البعض على الفتات. والله لقد سقطت دموع بعض الأرامل والأيتام من شدة الألم؛ ربما لأن أحدهم قد لا يستطيع شراء ثياب العيد لمن يعولهم، أو شراء حلوى أو تقديم عيدية لأبنائه وأحفاده.



المثير في الموضوع حضور عدد كبير من المطوفات ليس فقط للتصويت على الميزانية ولكن للمناقشة والمساءلة عن موضوعات دقيقة جدا مما يدل على الوعي الكامل والقدرة الفائقة على الطرح والإحساس بالمسؤولية تجاه المهنة.. بل تفوقن على الرجال في الجرأة بإبداء الملاحظات؛ ومن ذلك ما ذكرته إحدى المطوفات عن رواتب أعضاء مجلس الإدارة المرتفعة جدا؛ ما بين رواتب شهرين، ورواتب موسمية، وبدل نقل، وسيارات فارهة وغيرها.. وكان رد رئيس مجلس الإدارة أنها اعتمدت منذ عام 1432. ولكن السؤال إذا كانت اعتمدت منذ ذلك الحين لمجلس قدم إنجازات فارتفع المبلغ المقطوع والسهم، وتقديم أرقى الخدمات لحجاج بيت الله الحرام، وزادت عوائد مكاتب الخدمة الميدانية.. فهل يعني ذلك أن تستمر الرواتب رغم تدني المستوى لكل ذلك؟! أعتقد ألا يتم ذلك إلا بموافقة الجمعية العمومية.

بل لماذا لم تحمل الخسائر على رواتبهم، وإنما تحملها فقط (المساهم والمساهمة)؟



حقيقة إن رفض الميزانية كانت له مبرراته القوية، منها ما يلي:



- وجود خسائر فادحة في مشروع الأهلة التجاري.

- المبالغة في عقود اللجان الموسمية.

- عدم رغبة المجلس في إلغاء عقد المشغل منذ سنوات، وحل مشكلات متنوعة مثل الكهرباء في المبنى.

- عقد لجنة (هاسب) للتغذية والمبلغ العالي جدا والذي أثر على الميزانية.



أخيرا أقول إنه في الدول المتقدمة حينما يعجز المسؤول عن تحقيق أهداف المنظمة فإنه يستقيل فورا.. ليس من باب الأمانة والمسؤولية والضمير، ولكن حتى لا تسقط كرامته في المجتمع.. وكل عام وأنتم الخير لمجتمعكم وأمتكم.



@Fatinhussain