شاهر النهاري

التباكي على الحالات الإنسانية

السبت - 24 يونيو 2017

Sat - 24 Jun 2017

حكومة قطر ما زالت مصرة على عدم النظر للأمور الأصيلة بجدية ومصداقية فيما يخص خلافها مع الدول المقاطعة لها، فتظل تبحث لها عن أبواب فرعية تطرقها لإثبات مظلوميتها، ورفع صوتها بالتباكي والشكوى، فلعلها تفوز عن طريق تشتيت أنظار العالم عن حقيقتها، التي ما تزال تنكرها، بل إنها تجاهر بعدم فهمها لمطالب الدول المقاطعة، مع أن هذه المطالب سبق وأن وقعت عليها في اتفاق الرياض 2013، وعاودت ذلك في الاتفاق التكميلي لذلك 2014م، ورغم اكتمال الوضوح، فقد قامت السعودية والإمارات والبحرين ومصر بإعداد قائمة تحوي 13 شرطا تطالب قطر بتلبيتها للوصول لحل الأزمة الحالية، وقد قامت الكويت بتسليمها للدوحة الجمعة 23 يوليو 2017م.



وكانت حكومة قطر تعمل خلال الأسبوعين الماضيين على تضخيم المحور الإنساني، وتصوير القضية على أنها عمليات تجويع وحصار للشعب القطري، فدعت لجان حقوق الإنسان، وقام الدكتور علي بن صميخ المري، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية بعقد مؤتمرات صحفية ادعى فيها تحول قرارات قطع العلاقات إلى مخالفات وانتهاكات لاتفاقيات حقوق الإنسان والعهود الدولية الخاصة بذلك، وقام بتضخيم التأثيرات السلبية والإنسانية، التي وقعت على مواطني دولة قطر ومواطني الدول الخليجية المقاطعة، ووصفها بتوقيع العقاب الجماعي، حسب وجهة نظره.



وردد أن هذه الانتهاكات قد طالت الحق في حرية التنقل والحق في التعليم والصحة، والحق في لم الشمل، والإبعاد القسري، وفي الملكية الخاصة والعمل، مشيرا إلى رصد العديد من الانتهاكات في هذه المجالات، وحذر من وقوع المزيد من الانتهاكات، ودعا إلى تدخل عاجل من طرف المنظمات الحقوقية.



وعلى إثر ذلك عبر المفوض السامي لحقوق الإنسان عن خشيته أن تؤدي قرارات المقاطعة المتخذة إلى المساس بحقوق الإنسان.



فقامت البعثات الدائمة لكل من السعودية، والإمارات والبحرين، لدى الأمم المتحدة بجنيف، بتقديم أسفها لصدور مثل هذا البيان في الوقت، الذي لا يزال باب التواصل مفتوحا مع مكتب المفوض السامي من أجل العمل على ضمان حقوق كل المعنيين، والتثبت من المعلومات والادعاءات الواردة، مؤكدة على أن قرارات قطع العلاقات مع قطر حق سيادي لهذه الدول يهدف لحماية أمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف، وأن هذه القرارات لم تتم إلا بعد استنفاد كل الوسائل الممكنة للاتفاق، وأنها تأتي بتوافق تام مع مبادئ وأسس القانون الدولي العام.



وبينت البعثات الثلاث حرصها على الشعب القطري الشقيق، الذي هو امتداد طبيعي وأصيل لإخوانه في هذه الدول، وأنها قد حرصت على اتخاذ العديد من الإجراءات، التي تهدف إلى مراعاة الحالات الإنسانية والصحية، بأن تم تخصيص أرقام هواتف ساخنة في كل دولة لتلقي الحالات، واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها، بشكل يتوافق مع الالتزامات الدولية وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبالتقاليد الإنسانية الخليجية العريقة، مؤكدين حرصهم على مواصلة العمل من أجل الوصول إلى النتائج المرجوة من هذه المقاطعة في ظل احترام كامل لتعهداتهم في مجالي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.



التباكي على الحالات الإنسانية لن يحل القضية الأصلية الشائكة، والعودة للحق والشفافية هو المنطلق الناجع لأي حل مرتجى، والالتزام بحقوق الجيرة، هو الأساس الأبقى والأكثر جدوى بين الأشقاء.



Shaheralnahari@