آلاء لبني

الإسلاموفوبيا

الجمعة - 23 يونيو 2017

Fri - 23 Jun 2017



الإرهاب لا يعرف لونا ولا ملة، يجمع اتجاهات متضادة بهدف تحقيق أكبر منفعة ممكنة، فالغاية تبرر الوسيلة.

الوسطية والسلام والتسامح والتعايش ضمن الدين الواحد ومع الأديان والمعتقدات الأخرى قيم تواجه خطرا كبيرا، ومع تحول العالم قرية صغيرة وسهولة الاتصال والتواصل تراجعت مفاهيم وأسس عالمية خلال السنوات الماضية القليلة، كالمفهوم العالمي لتعددية الثقافات، والذي يعرف على أنه الحق في اتباع قيم ثقافية مختلفة، وهو حق لا يخضع إلا لقيد واحد، وهو ألا يتدخل حقك في الحق المماثل الذي يتمتع به الآخرون.

العالم مليء بأشكال العنصرية وعدم تقبل الآخر والأقليات لأسباب عديدة ساهمت في إعاقة ثقافة التفاهم والتسامح. وللتعصب أشكال عديدة، ومن أشكاله الأشد ضررا وفتكا بالبشر التعصب والكره على أساس الدين، فهو سبب اقتتال على مدى التاريخ.

نحلم بعالم يعمه السلام ومعتقدات وأفكار تجمع وتنبذ التفرق.

تتلاحق الحوادث الإعلامية على كل الصراعات، ويسلط الضوء على التنظيمات المتطرفة بكل أطيافها مع قلة عددها في العالم الإسلامي. اتبعنا الإعلام الغربي في طريقة التحليل وحتى في المصطلحات كمصطلح الإرهاب الإسلامي، التطرف الإسلامي، الإسلام الراديكالي! وهذا النهج عكس توجه منظمة التعاون الإسلامي التي تؤكد على تجنب أي ربط بين الإسلام والإرهاب، كإطلاق وصف (الإسلاميين) على الإرهابيين المتطرفين، بهدف عدم تشويه الإسلام.

صورة الإرهاب ألصقت بالمسلمين، وتم تناسي الإرهاب الدولي الذي حصد وشرد الملايين من اللاجئين بحجة القضاء على الإرهاب، وتحقيق الديمقراطية بالقوة.

المحصلة لكل هذا المزيد من التطرف والكره والعنصرية في كل مكان وفي كل الأطراف.

وصلنا لحد أن ندافع عن أنفسنا دوما في كل حادثة إرهابية وعمل إجرامي، كأنها تمثل إسلامنا، في حين أن الإعلام الغربي أكثر ذكاء ودهاء من كل ما نمتلكه من نوايا طيبة ورغبتنا في التعايش والسلام، فهم يخضعون الحوادث المتطرفة التي تحدث تجاه المسلمين للتحليل والطب... إلخ، حتى يصدروا تصريحا كعمل إجرامي نفسي أو إرهابي أو عنف شارع، وذلك حق لهم.

وفي ذات الوقت الحق لنا والواجب علينا أن نظهر الجوانب المنيرة للمسلمين في الغرب وبكل الطرق: بالفن والحوار والإعلام وتشجيع الوعي بقضايا التمييز ضد المسلمين وانتهاك حقوقهم الأساسية. على سبيل المثال تلاحق الصين المسلمين في تركستان الشرقية وتمنعهم من الصوم وتصادر حرية تعبدهم.

وتخيل أن زعيمة ميانمار صرحت: مسلمو الروهينجا يقتل بعضهم بعضا ولا يتعرضون لتطهير عرقي!

أيديولوجية الصهاينة وعنصريتهم تخاطب بخجل إعلامي، فالإرهاب الصهيوني لا يطلق عليه عالميا مصطلح الإرهاب اليهودي، بل أفضل الأحوال يعد عملا إجراميا! فمثلا سمعنا في أوائل رمضان عن مقتل ثلاثة شبان في منطقة باب العامود بالبلدة القديمة في القدس، مسعى الجنود تخويف الناس وتفريق جمعهم عن الأقصى، ومنتهى أملهم أن تسقط القدس كاملة بأيديهم ولا يبقى فلسطيني في تلك الأراضي، فكل مساعيهم السياسية تسعى لتهويد القدس واتخاذها عاصمة لإسرائيل كما أعلنوا منذ 1980.

العالم أصبح قرية صغيرة جدا، والواقع أن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة وتوثيق البث المباشر من بعض الشبان المقدسيين أفضل من ألف نشرة أخبار، تطلعنا على مدى سوء الحال وحجم المسؤولية الجمة على المقدسيين وجهادهم في المحافظة على الأقصى، فهم المرابطون الحقيقيون.

ظاهرة الإسلاموفوبيا تتعاظم بسب الحشد الإعلامي والفكري تجاه المسلمين، والتخويف منهم والأذى تجاههم يزداد على مستوى العالم، وفقا لتقارير منظمة التعاون الإسلامي. اليمين المتطرف ينتشر على الساحات السياسية، وتتلاحق حوادث القتل والتعدي في دول تمتاز بالتعددية والديمقراطية!

لم ننته من متابعة حادثة الدهس بالقرب من مسجد في فينسبري بارك بلندن، والذي أودى بحياة شخص وإصابة 8 بجروح، الإرهابي الذي صرح باعتزاز: سأفعلها مرة أخرى (أي دهس المزيد من المسلمين)، حتى نسمع عن مقتل نبرة حسنين، 17 عاما أمريكية مسلمة من أصل مصري، بعد اختفائها وقتلها على يد إرهابي!

سيدافع ويعترض البعض ويقول نحن لسنا ملائكة على الأرض، وأقول لسنا شياطين، ولسنا قتلة، بل ضحايا أيضا للعنصرية.

من أراد التفتيش عن صور التعايش فسوف يجدها كما شهدتها لندن ذاتها في حادثة حريق البرج السكني وتقديم السكان العون لبعضهم، وتعزيز رسالة السلام والتعايش في شهر رمضان المبارك بموائد الإفطار من قبل الجميع، دون نظر للون البشرة أو الجنسية أو الدين. أتساءل عن التطبيق الفعلي والعملي للقرار رقم 2/‏11 في 2016م لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن اعتماد الاستراتيجية الإعلامية لمنظمة التعاون الإسلامي للتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا؟

العبرة بالأفعال وليست بالكلمات.

Alalabani_1@