أحمد الهلالي

قصة حي الوئام باختصار!

الاحد - 18 يونيو 2017

Sun - 18 Jun 2017

أهل حي الوئام سعداء بجارهم (أبو كمد) يبادلونه المحبة، ولا تمر مناسبة إلا كانوا فيها معا، حتى حين اعتدى المجرمون على جارهم (جابر) اجتمعوا جميعا وحشدوا قواهم حتى طردوا المعتدين وعاد الوئام إلى حيهم، وبعد مدة علموا أن ابن جارهم كمد أودع والده دار العجزة، ليحل مكانه كبيرا للأسرة.



لم يكونوا مرتاحين لسلوك كمد، فهو دائب الابتسامة، لكنه يمارس أفعالا ليست منطقية، في تناقض عجيب، فهو الذي يضع المسامير على طرق سياراتهم، وهو الذي يقسم أن يصلح الإطارات في محله مجانا، ويرسل في الليل من يتلف أثاث المسجد ونوافذه، ويتبرع في اجتماع الحي بتحمل نفقات الإصلاح، وزادت مضايقاته خاصة تجاه جاره سعود، فعزوا ذلك إلى احتضان (سعود) لأبيه، بعدما هاتفه من دار العجزة وطلب الإقامة في منزل سعود، الذي منحه غرفة خاصة وكفل له حياة كريمة.



يقول أهل الحي إن كمد صاحب تحركات غريبة، أحيانا يطلق الشائعات عن جيرانه دون تبصر، ومرة رآه جاره سعود يبدل حدود أرضه فكسر أنفه، ثم ظفر به مرة يحاول إشعال النار في مزرعته، وعلى مرأى ومسمع من جيرانه فتح بيته لكل خصومهم وأعدائهم، ثم تحرش بجاره (ظبيان)، غير تدخلاته في شؤون منزل (جابر) ثم عاد يهاجم جاره (بحر)، الذي اكتشفه يعلم أبناءه من زوجته الثانية الرماية، ويهديهم مسدسات ومعاول، فغضب جيرانه جدا، وهددوه، فلما شعر بالخوف قرر أن يعتزل مجالسهم، وخشية أن يلقى مصير والده ـ أيضا ـ أناب ابنه مكانه.



جاء الابن على توترات، واستبشر الجيران خيرا، فربما كان أحسن من أبيه، لكنهم علموا أن كمد يحركه كالدمية، فأمره بالتوقيع على اتفاقيات الجيران، لكنه لم يأمره بالالتزام بكل الاتفاقيات، ففتح منزله مأوى لأعدائهم ومجرمي العصابات الشهيرة، ينفذون جرائمهم في الأحياء الأخرى ويعودون إليه، ويهددون جيرانه، ثم على حين غرة أعلن الابن تحالفه مع عدو جيرانه المجرم الشهير (عيران) الذي أحرق ثلاثة أحياء مجاورة لحي الوئام وقتل الكثير من أهلها، وكاد أن يحرق منزل بحر لولا تدخل الجيران وطرده.



طفح الكيل وضاقت صدور الجيران بعد صبر طويل، وحين ثبت لهم أن كمد زعيم (عصابات)، قدموا اعتذارا لطيفا لأسرته، وقرروا مقاطعته، فلا يدخلون بيتهم ولا يدخلونهم بيوتهم، ولا يتعاونون معه بأي شكل من الأشكال حتى يعود إلى جادة الصواب ويكف عن دعم العصابات وإيوائها ويقلع عن ممارساته المؤذية، فغضب واستنكر على جيرانه أن يطلبوا منه كف الأذى، فلا يرى لهم أي مبرر لانتقاد أفعاله المشينة، ولا يرى لهم حق إغلاق أبوابهم عنه، وقصر خطاهم عن بيته، فهو مستمتع بممارسة الأذى ضدهم، وبدلا من الاعتذار والامتثال، فقد جن جنونه وصار يعتلي سطوح منزله الصغير، ويصيح بأعلى صوته من خلال بوق كبير (أنا محاصر.. أولادي جوعى.. لن نركع.. ليس لكم حق.. لن نكف الأذى).



ahmad_helali@