علي الحجي

كرب ما بعد الصدمة

الاحد - 18 يونيو 2017

Sun - 18 Jun 2017

الإنسان بطبعه كائن اجتماعي متفاعل مع الحياة، يتأثر بأحداثها، ويؤثر فيها، تفاعله مع الأحداث يمر بشكل سلس وطبيعي فتمر به أحداث صغيرة كالذهاب للعمل والعودة، وأحداث كبيرة كالزواج وإنجاب المولود الأول، ولكنها تمر جميعا بسلاسة.

أحيانا يتعرض لمواقف قد تبدو صغيرة، كالهجوم اللفظي من أحد الأقران أو حادث سيارة أمام عينه، أو كبيرة كالتعرض للاغتصاب أو وفاة قريب بشكل مفاجئ وفاجع.

هذه الأحداث قد تبدو طبيعية للبعض يتعامل معها كمطب يربكه قليلا ثم يتجاوزه وتعود حياته لسلاستها، والبعض قد تشكل له مشكلة لا يستطيع تجاوزها ويستعيد أحداثها وتؤثر عليه وعلى نمط حياته بشكل ملحوظ ولا يمكن له تجاوزها إلا بمساعدة مختصين، وهذا ما يمكن تسميته بكرب ما بعد الصدمة Post traumatic stress disorder - PTSD

ويمكن تشبيهها بالطعام، فنحن نأكل ونشرب يوميا، نتلذذ ببعض المأكولات والمشروبات، ولا نستسيغ بعضها، ونغص ببعضها ونتعامل معها، ولكن هناك بعض الأكلات قد تسبب مشاكل هضمية وتلبكا طويل المدى ولا بد من إيجاد حل لها عن طريق الطبيب.

يختلف الناس في إصابتهم بكرب ما بعد الصدمة بسبب اختلاف قدراتهم على التعامل مع المواقف والتكيف السليم مع الأحداث والضغوطات التي يواجهونها، ونظرتهم للأحداث كتحديات وفرص للتطور والنمو أو كمهددات ومعوقات، ومدى وجود بيئات داعمة ومساندة.

تظهر أعراض كرب ما بعد الصدمة غالبا في الأشهر الثلاثة الأولى للحدث، وقد تصل لسنوات في بعض الحالات، وغالبا لا تصنف إلا في حال مضي شهر من الأعراض دون قدرة الفرد على تجاوزها.

هذه الأعراض قد تكون على شكل اضطراب في النوم أو كوابيس أو أحلام اليقظة بإعادة اجترار الحدث من حين لآخر، الفزع وتجنب الأشخاص أو الأماكن أو الأحداث المشابهة، تغيرات سلبية في المزاج والمشاعر والتفكير ومشكلات في الذاكرة والتركيز والإهمال الدراسي، أعراض جسمية مثل أمراض الجلد أو اضطراب خفقان القلب والضعف الجسمي العام.

هذه الحالة إذا لم تعالج تتفاقم مع الوقت وتسبب مشكلات في العمل والأداء وعلى العلاقات الاجتماعية وعلى مستوى العائلة وتعوق الاستمتاع بالحياة، وتقود إلى القلق والاكتئاب وتعاطي المخدرات أو الانتحار.

من الضروري الحصول على العلاج المناسب لكرب ما بعد الصدمة ومن أشهرها وأكثرها فاعلية العلاج المعرفي السلوكي للتقليل من أعراضه ومحاصرته واستعادة الفرد للسيطرة على حياته وتعلم طرق للتكيف مع المواقف المشابهة والأعراض، ويتم في بعض الحالات استخدام بعض الأدوية لفترة معينة للسيطرة على الأعراض المصاحبة.

خاتمة: لا تضع جزءا من حياتك في المعاناة والانتظار السلبي، بادر لإنهاء أي مشكلة تواجهك واستمتع بالحياة.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال