باسم سلامه القليطي

شباب البومب.. محشي كرنب!

الاحد - 18 يونيو 2017

Sun - 18 Jun 2017

لا أحد يستطيع إنكار دور المسلسلات التلفزيونية المؤثر في القيم والأخلاق، من حيث الإصلاح أو الإفساد، وبالتأكيد ليس هذا هو دورها الأساسي، فهي تحرص على جذب المشاهدين بأي صورة كانت، بالطرق الصحيحة (كالكتابة الجيدة، والبناء الدرامي المتماسك، والأداء التمثيلي المبدع، والرؤية الإخراجية المبهرة)، أو بالطرق الملتوية (كاستخدام المشاهد المثيرة للغرائز، أو الألفاظ السوقية النابية، أو المعالجة الدرامية السطحية، أو المواضيع الركيكة التافهة)، وكل ذلك من قبيل الاستسهال والاستخفاف، والنتيجة مسلسلات سطحية سخيفة، مفسدة متلفة بصورة مخيفة.

ومثال على تلك المسلسلات، مسلسل (شباب البومب)، وهو من بطولة ممثل تجاوز عمره (36) عاما، يقوم بدور شاب (درباوي) مراهق، يتصف بصفات كثيرة سيئة، ومعه مجموعة من أشباح الممثلين، الذين تشبه علاقتهم بالتمثيل، علاقة الدب بحبل الغسيل، والوصف الدقيق لهذا المسلسل، سطحية في معالجة الأفكار، وأداء هزيل مشبع بالتكرار، وألفاظ عنصرية مشجعة على الاحتقار، والكثير من مقومات إفساد الأخلاق والذوق العام.

والسبب الوحيد الذي جعلني أكتب عن هذا المسلسل، ليس لأنه سخيف ومفسد فقط، بل ولأنه للأسف متابع بصورة كبيرة وخطيرة، ووصلت نسبة مشاهداته على (اليوتيوب) فقط ملايين المشاهدات! وهذا ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر، فالأكيد أن فئة المراهقين والصغار هي من تتابع هذا المسلسل، فالكبير مهما بلغت حماقته لن يحتمل مشاهدة هذا التهريج، وأنا لا أنتقص من المراهقين والصغار، ولكنهم في مرحلة نمو وتعلم من الأخطاء، وهم بحاجة لبعض التوجيه والتنبيه، وبالتأكيد أنهم سيضعون هذا المسلسل في قائمة السخافات التي شاهدوها بعد سنوات من الآن، ولكنهم حاليا يتعلمون من هذا المسلسل الشتم والعنصرية، والغلظة والفظاظة، وسوء التهذيب والحماقة، وعلاوة على ذلك أفسد عليهم ذائقتهم الفنية، وشوه حواسهم السمعية والبصرية، وما نبنيه في المدارس خلال عام، يقوم بهدمه هذا المسلسل وغيره في أيام، يقول (مارسيل بانيول): قل لي مم تضحك أقل لك من أنت.

وليست المتابعة الكبيرة، والمشاهدة العالية، دليل على القيمة الفنية أو أنها أحد أهم معايير النجاح، فأفلام (هيفاء وهبي) الرديئة حققت الملايين، وأغاني (شعبان عبدالرحيم) المتواضعة حفظها الملايين، وكثير من الحمقى مشاهير، ولهم أتباع بالملايين، ولكن ذلك كله لا يجعل لهم وزنا في ميزان القيمة الفنية والأدبية والقيم والأخلاق، فهم كريشة في جناح عنقاء، أو كشعرة في ظهر (سعلوة)، والتاريخ كفيل بإخفاء القبيح وإظهار الجميل.