تناول الجماعات المتطرفة في الدراما!

الجمعة - 16 يونيو 2017

Fri - 16 Jun 2017

أخذت الدراما السعودية منذ سنوات أشكالا مختلفة في النقد والتوجيه، على الرغم من أن دور التربية يختلف عن دور الدراما. فأكثر ما يكون تناولا يقدم المشكلة كي يجد المتابع الحل، وهذا يؤكد عمق التناول والرمزية في كثير من الأعمال التي تناولت قضايا الإرهاب والتشدد الناتجة عن حقبة الصحوة، وما آلت إليه في تلك المدة، ومن هنا يمكن القول إن طرح قضايا الإرهاب في الدراما أخذت طرائق وأشكالا مختلفة في الطرح من حيث المعالجة والتناول، وهذا يقودنا إلى مسلسل «غرابيب سود» الذي يطرح مشكلة تنظيم الدولة الإسلامية ‹›داعش››، حيث شاهدنا أجسادا أضاعت محطات عمرها أمام التغرير، وتشبعت من نواصي خطابات اللون الظلامي، وتشردت على أرصفة أسراب الغلاة، مستغلين صغر سنهم، ونوافذ الحياة المحرضة لإشراقة محياهم على نوائب اليتم والترمل وفقد الأسرة، بأحزمة ناسفة، تنقلهم إلى العالم الآخر بتذاكر الجهاد.

‏ أعلم يقينا بأن السلوك الأخلاقي والتوجيهي مرتبط ارتباطا وثيقا بالتربية الدينية، وهذا يؤكد أن الدين حالة عميقة، تدفع الإنسان للحياة، والنظر مطولا كيف يستخدم عقله مستقلا؟ دون وصاية عقدية، تشوبها الخرافات المبنية على أشياء غير موجودة إلا في عقول الصحويين المصابين بعقدة الجماهير، ومن تجرع أفكارهم الداعية لتغطية حياة الإنسان بثياب معدة مسبقا بمقاس خطابهم المكبل بالحرام، وسد كل الطرائق التي تؤول إلى اختيار حياة الناس وتصرفاتهم، دون خوف من فتح نقاش فلسفي، يسهم في نضج العقل الإنساني، وجعله هو الفاصل بين التطبيق الاختياري، وليس فرض الرأي بحجج، يحيكونها حسب مصالحهم الدنيوية.

‏ ليت بعض هؤلاء يتعاملون مع جماهيرهم مثل تعاملهم مع البحث عن ثغرات للبنوك الإسلامية، وألا تسد الثغرات في وجه فتح تابوت الخلافات الدينية الأخرى، وترك الوعظ المجاني والترهيب المفرط، فهذا ما آل إليه المستمع، وأصبح أسير الحلال والحرام، والخوف من فكرة التقنين وتسوية النصوص وتشكيلها، والمسائل حسب موضعها الصحيح، بحسب الرؤية الشاملة للأمور ومتغيرات العصر، ووقف هذا التحجير على الشاردة والواردة، والعبث بمشاعر المجتمع بأساليبهم في استمالة ضعاف العقول، بصرف النظر عن النيات وفهم الدين من بعضهم من خلال مقاسات عقولهم وقراءاتهم الضيقة ومفاهيمهم المحدودة.

‏ يسْر الدين أكبر من أن يختزل في أمور خلافية، على الرغم من إدراكنا التام أن جيل اليوم يعرف القبيح من الطيب أكثر من وعاظ الغفلة وحب (الشهرة الإعلامية) وأسراب الدرعمة، وهم في الواقع لا يملك بعضهم مقومات الداعية، أو مؤهلات علمية تجعل الآخر يتقبل كلمة منهم، وبما أن في الإعادة إفادة جمة، أعيد كلامي (الدين أيسر من ذلك بكثير).