محمد أحمد بابا

ولا تقتلوا أولادكم

الثلاثاء - 13 يونيو 2017

Tue - 13 Jun 2017

تجنون على أطفالكم وأولادكم وبناتكم حين تقتحمون خصوصياتهم بحجة الولاية، وتسيئون لأصدقائهم وصفا بحجة المعرفة، وتحقرون اختياراتهم بحجة الدراية، وتضعون لهم خطة إجازتهم بحجة الإشغال، وتكذبون عليهم بحجة الإصلاح، وتحرمون وتحللون لهم بحجة العلم، وتنهرونهم أمام الناس بحجة أنهم صغار، وتحرمونهم من أوقات لهو ولعب بحجة الدراسة، وتلقنونهم حفظا ما يفهمونه بحجة الضبط، وتضحكون مع غيرهم وتكشرون في وجوههم بحجة الهيبة، وتمدحون زمانكم وتسبون زمانهم بحجة الأفضلية.



ما المشكلة لديكم آباء وأمهات ومجتمعات في أطفال الايباد، وبنات الانستقرام، ومراهقي الواتس اب، وشباب الفيس بوك، وجيل تويتر، وفلة السناب شات، وزمن الإندومي والبرجر والتشيز كيك؟



ما المشكلة؟ ما الذم في ذلك؟ ما العيب فيه؟ ألم نكن ونحن أطفال نسمى جيل التلفزيون، وأطفال البسكليت، وبنات العرايس، وغير ذلك كثير؟ أنتم أيها الآباء والكبار تقولون: لكل زمن دولة ورجال، والواقع والحق يقول: لكل زمن جيل وأطفال.



الصواب والنهج القويم واحد، لكن صور الظهور، وقوالب التعامل، وأشكال الممارسة تختلف باختلاف الزمان والمكان، وما من حقبة من السنين والأعوام إلا وفيها من مستجدات الابتكارات والماديات ما يزعج من لا يعرف فينصب النقد على الشكل لا على المضمون، فيثبت للصغير عن الكبير بأن الأب عدو ما يجعله، والأم معادية لما لم تحسنه.



مصارحة النفس بحقيقة الانفصام في غالب تربيتنا ومسالك تعاملنا مع الأطفال والمراهقين والشباب أنجع في اختيار صحبة في احترام، ومخالطة في محاسبة، ومعرفة في تعلم مشترك به تبهجنا هذه الدنيا بهم وبنا على السواء.



فقط كونوا معهم دعاة حقوق محافظين على حقوقهم الخاصة إنسانيا ستجدونهم لحقوقكم حافظين وحافظات. وبالعامية أقول لكم: تراكم والله صجيتوهم وقروشتوهم وما عرفولكم.



حين يخرج طفل الخامسة أو طفلة السابعة ويقول أحدهما تذمرا وقد أسقط في يديه: طيب.. وبعدين! لا تلوموهم.. وأجيبوا إن استطعتم.. أو راجعوا أنفسكم.. فلا تضيعوا فرصة حياة ممتعة مع أطفالكم.



ومن القتل أن نهمل سهولة تنشئة بوسائل تقنية حديثة ووسائل تواصل اجتماعية بحجة أن الماضي كان أحلى وأدفأ وأجمل، فلا ولد ربينا ولا تقنيات تعلمنا.



بعضهم إن طلب ابنه من تطبيق كريم سيارة لمشواره قال: كنا نمشي على أرجلنا، وإن اتصلت ابنته على مطعم لطلب عشاء قال: كانت أمي تعجن وتخبز، وإن لبس طفله سبورات ملونة قال: كنا ننام بالثوب، وإن نجحت ابنته في الثانوية بتقدير جيد جدا قال: كنا لا نعرف غير الامتياز، رغم أن في كل هذه الإجابات نظرا مع غياب الشهود.



كنت ألوم شبابا يلقبون آباءهم بالشياب رغم صغر سنهم، واليوم خف لومي لما وجدت الوالدين في طريق إثبات ذلك مصرين تعقيدا وفلسفة طرح لا تسمن ولا تغني من تربية.



albabamohamad@