نمر فهيد السبيلة

توطين الصيدليات الأهلية

الثلاثاء - 13 يونيو 2017

Tue - 13 Jun 2017

كثيرا ما تناولت الصحف خلال الأشهر الماضية نبأ تحويل صرف الأدوية للمرضى من الصيدليات التابعة لوزارة الصحة إلى الصيدليات الأهلية، وما هي إلا ساعات قليلة حتى نفي الخبر.

في الواقع تسعى وزارة الصحة باحثة عن أسهل الطرق لحصول المرضى على الدواء دون بقائهم لفترات طويلة في صالات الانتظار وتقليل العبء الناجم عن نقص الأدوية وانقطاعها. أود أن أنوه هنا أن هذا الخبر كان صحيحا، ولكن كان على شكل دراسة هدفها التعرف على إيجابياتها وسلبياتها. بناء على ذلك فقد قمت بمناقشة هذا الموضوع مع ذوي الخبرة في هذا المجال من زملائي لمعرفة رأيهم، ولكن للأسف غالبية الردود رفضت هذه الدراسة، وكان السبب يكمن في مشاكل سيواجهها المريض كتوفر الدواء وجودته، وكذلك أكدوا أن هدفها سيصبح ماديا دون النظر للفائدة الصحية للمريض، وشددوا على أن دور الصيدلية مهم جدا في كافة القطاعات الصحية من مدن طبية ومستشفيات ومراكز صحية. أما من وجهة نظري لا أتفق فيما تم طرحه من قبلهم لما يترتب على هذه من إيجابيات عديدة، ومنها خفض نسبة البطالة التي ستحدث في المستقبل، وفهم آلية القطاع الخاص، وغيرها من الإيجابيات التي لا تعمل على تقليل دور الصيدلي بل تتيح له العديد من الفرص، وبناء عليه وددت من خلال هذه المقالة شرح ما يتعلق بهذا الأمر.

في البداية لا تقلق عزيزي الصيدلي، لا يمكن تقليل دورك في المنشآت الصحية، فنحن بحاجة لتواجدك فيها، ولكن من المهم الإشارة لأدوار أخرى يقل فيها دور الصيدلي السعودي ولا نستطيع القول إننا سوف نكتفي منكم حتى إلى عام 2090 في جميع القطاعات الصيدلانية في المملكة كما تشير بعض الإحصائيات، لأن المملكة تحتضن أكثر من 13 مصنعا دوائيا وأكثر من 20 شركة ووكيلا معتمدا لاستيراد الدواء، علما أن هذه الشركات تقوم بالخدمات الصيدلانية للمجتمع ما بين 6900-7000 صيدلية منتشرة في أرجائها.

ولتعزيز دور الصيدلي في الجانب الآخر من هذه القطاعات يجب أن تكون هنالك لوائح وقوانين رادعة من وزارة العمل بالتعاون مع وزارة الصحة من خلال البنود العديدة المتوفرة في قطاع الصحة التي تكفل للصيدلي حق الممارسة لمهنته فقط في المنشآت الصحية الحكومية كما تكفل له العمل في الصيدليات الأهلية وقطاعات الدواء الأخرى، خصوصا أن السبب في عزوف الصيادلة السعوديين عنها يكمن في قلة الرواتب وساعات العمل الطويلة، علما أن أرباح هذه الشركات والمصانع والصيدليات الأهلية عالية، ولها القدرة على توفير الشروط المناسبة لبقاء الصيدلي السعودي، والدليل على ذلك وجود أكثر من فرع للصيدلية في الحي السكني الواحد! ومع هذا كله شدني خبر نشرته صحيفة الشرق في عددها رقم 339 الصادر بتاريخ 6/01/2013 أن الخدمة المدنية عجزت عن توظيف 60 صيدلانية في المنطقة الشرقية مع العلم بوجود 17 مستشفى و10 مراكز صحية تابعة لوزارة الصحة، السؤال هنا إذا عجزت الخدمة المدنية عن توفير الوظائف لهن ألم يكن هنالك صيدليات أهلية تكفل لهن حق التوظيف المباشر؟

لذا باعتقادي يجب علينا نحن الصيادلة الخوض في معالجة هذه المشكلة في المرحلة الراهنة لكي لا نواجه أزمة البطالة في الأعوام القادمة مع زيادة أعداد الخريجين في ظل ازدهار قطاع التعليم الحكومي والخاص، حيث يبلغ عدد كليات الصيدلة قرابة 22 كلية في المملكة.

فلو سلمنا فرضا أنه يوجد لدينا تقريبا 7 آلاف من الصيدليات الأهلية فإنها قادرة على توفير أكثر من 21 ألف وظيفة علما أنني أرى أن الصيدلي السعودي يمتلك كل المقومات والقدرة على الخوض في هذه التجربة، وهنالك العديد من الصيادلة السعوديين برزوا في هذا المجال، ولو تعلم عزيزي القارئ أن عدد الصيادلة السعوديين في المملكة تقريبا 7 آلاف غالبيتهم في القطاع الحكومي من أصل 46 ألف صيدلي أغلبهم من الوافدين. ولا ننسى أن بعض الصيادلة الوافدين يوجد لديهم ندرة في التخصص والخبرة، مما يجعلنا حريصين على بقاء بعضهم، إذ إنها تعد من عوامل التطوير والتحسين للأداء وتبادل الخبرات. وللتوضيح يبلغ عدد الصيادلة في منطقة الرياض في القطاع الحكومي 1790 صيدليا يمثل السعوديون نسبة (78%) وبالنسبة للقطاع الخاص 1747 صيدليا يمثل السعوديون نسبة (60%) ويتضح هنا أن هذه الإحصائية تشير إلى إلحاح الصيادلة السعوديين على البقاء في القطاع الحكومي أكثر منه في الخاص، مع ملاحظة ازدياد نسبة أعداد الصيادلة السعوديين بالنسبة لاحتياج السوق بشكل عام.

ولسياسية بقاء الصيدلي السعودي في هذا القطاع يجب تفعيل بنود الرقابة والإشراف لخفض ما يسمى سياسة التطفيش في أغلب الأحيان. فمبدأ التوطين مهم لما يترتب عليه من تأصيل لمفهوم الأمن الدوائي كما يعرف من قبل الباحثين بأنها «استراتيجية توفير الدواء والاهتمام بتطويره بكميات كافية للاستهلاك الوطني ضمن تسعيرة مناسبة للمريض وتشجيع المصانع والشركات الوطنية بما يكفل الحق لتوفير الوظائف للصيادلة من أبناء الوطن»، فالسؤال هنا: في الوقت الحالي نحن نعيش في أي مستوى من مستويات الأمن الدوائي؟!

وللأسف أود أن أشير هنا إلى أننا نعتمد على الأدوية المستورة بشكل كبير والتي تصل بنسبة 80% والمؤسف في هذا الجانب هو انعدام وجود مراكز أبحاث داخل هذه المصانع تعنى بمجال تطوير الدواء وتحسينه مما يستلزم دفع المبالغ الطائلة في الأبحاث التابعة لهذه الشركات خارج المملكة، والدليل على ذلك لقاح كورونا وإنفلونزا الخنازير.

دعوني أختم بخبر سرني كثيرا وهو صدور قرار معالي وزير الصحة مؤخرا بخصوص إيقاف استقدام أطباء الأسنان من خارج المملكة، كانت سابقة من نوعها، ونرغب بأن لا يقتصر على هذا فحسب، وإنما يمتد هذا القرار إلى التخصصات الأخرى وأهمها الصيدلة.

#معا_للتثقيف_الدوائي.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال