عبدالله المزهر

أحب المفجرين ولست منهم

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 11 يونيو 2017

Sun - 11 Jun 2017

أكثر الكلمات التصاقا بالذاكرة في إعلان إحدى الشركات الذي يتكرر بشكل يومي هي العبارة التي يرددها المغني وهو في غاية الحماس والفرحة والتبسم والانشراح: «لنفجر لنفجر»، بقية الكلمات لا تبقى في الذاكرة طويلا، وذلك فإنها ستبدو غير ذات قيمة حتى وإن كان التفجير بمعنى إيجابي كما تشير كلمات الإعلان.



سمعت أحد صغاري يغنيها متحمسا وهو لا يحفظ إلا عبارة «لنفجر» ويكررها متنقلا في كافة غرف المنزل، والحقيقة أني جبان ـ كما تعلمون ـ ومنذ بدأت داعش في إقناع المنتسبين إليها بقتل آبائهم وأمهاتهم وأنا أتخيل هذا السيناريو. فكان يغني وأنا أطارده وأدعوه للتهدئة والجنوح للسلم، وأن عليه أن يتذكر كل ما فعلته لأجله فيشير بيديه كما يفعل المطربون لاستثارة الجماهير طالبا مني مشاركته في الغناء.



وأظن أنشودة «لنفجر» الدعائية تصلح كنشيد للدواعش وستكون أفضل وأكثر واقعية وحداثة من أغنيتهم الباهتة «صليل الصوارم»، لأن صليل الصوارم لم يعد موجودا إلا في المسلسلات التاريخية ولا يغري النشء الجديد كما قد يفعل «التفجير».



وقد يستفيد من هذا النشيد آخرون في المستقبل، فداعش «الحالية» تبدو في آخر أيامها، ولكن وكما جرت العادة فإنها ستخرج مجددا باسم جديد، وسينخدع بها ذات الأشخاص ثم تحارب بذات الطريقة، وهكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، أو إلى أن تحدث طفرة جينية في الإنسان تجعله يتعلم من التاريخ ويستفيد منه ولا يكرر أخطاءه، وهذا احتمال مستبعد ولا أعتقد أنه سيحدث.



وعلى أي حال..



لا أقول إن الأغنية في تلك الدعاية تدعو للإرهاب، ولا أتهم المطرب بأنه عضو في جماعة تروج للعنف، وكل ما في الأمر أني أقول إن كثرة مثل هذه الأعمال التي لا تدرس بشكل حقيقي قبل نشرها تجعلني أخاف من جيل آخر سيأتي وشعاره «أحب المفجرين ولست منهم»، والمبررون والعشاق هم أسوأ وأضعف الكائنات البشرية.



@agrni